0
حديث: إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته

حديث: إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته
وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته رواه البيهقي.

--------------------------------------------------------------------------------
وهذا الخبر له شواهد من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، عند الترمذي، وله شواهد من حديث أبي الأحوص الجشمي أيضا في السنن، عن أبيه، وهو: إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه كما في حديث عبد الله بن عمرو.
في حديث أبي الأحوص الجشمي عن أبيه أنه رآه، وعليه ثياب رثة، فأنكر عليه، فقال: أليس عندك شيء من المال؟ فقال: عندي من الإبل، والخيل، والرقيق. فقال: إذا أنعم الله عليك نعمة، فليرَ أثر نعمته عليك .
وهذا هو المشروع، أن يبدي العبد، وأن يظهر أثر نعمة الله عليه -سبحانه وتعالى-، ولا مانع من التقشف أحيانا، أو البذاذة، إذا أراد بذلك أن يكسر نفسه، وأن يعودها، وأن يروضها على مثل هذا.
والتحقيق أن العبد إذا لبس الثياب الحسنة الطيبة، وقصد بذل شكر نعمة الله عليه، فهو على خير، فيكون داخلا في باب الغني الشاكر.
وإذا لبس الثياب الدون، وثياب البذلة، وقصد بذلك التواضع، لم يقصد بذلك الرياء والسمعة، ولم يقصد بذلك إظهار المخالفة، أو إظهار التقشف أمام الناس، وأراد بذلك كسر نفسه، فلا بأس.
وعلى ذلك تنزل حديث أبي أمامة، عند أبي داود بإسناد حسن: البذاذة من الإيمان وما جاء في معناه أيضا، فعلى هذا تتنزل الأخبار، وهكذا كان هديه -عليه الصلاة والسلام-، ولم يكن يتكلف مفئودا، ولا يرد موجودا، لا في مطعمه، ولا في مشربه، ولا في ملبسه -صلى الله عليه وسلم-.


وهنا اخت تسال حبيت انكم تتطلعون على سؤالها:

السؤال:
كيف يمكننا التوفيق بين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخشوشنوا فإن الحضارة لن تدوم"، وبين قوله تعالى: {وأما بنعمة ربك فحدث}، وبين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"، وجزاك الله خير الدنيا والآخرة.

المفتي: ناصر بن سليمان العمر
الإجابة:
أولاً: الحديث ليس بهذا اللفظ، وإنما: "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم"، وقد تكلم العلماء في هذا الحديث وضعَّفوه، ولا يثبت رفعه للنبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى القول بصحته كما ذكر ابن حبان رحمه الله حيث أخرجه في صحيحه، فلا معارضة بين هذا الحديث وبين الآية أو الحديث الذي ذكرته الأخت السائلة، فإن حديث: "اخشوشنوا" قد يكون موجهاً لأناسٍ جعلوا سيرتهم وحياتهم هو العيش في الترف والإسراف، فجاء التنبيه بهذا: "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم"، ثم هو أيضاً يُحمل على أن في الوقت الذي يُظهر الإنسان نعمة الله جل وعلا عليه حيث يحب الله جل وعلا أن يرى أثر نعمة عبده عليه فإنه لا يتعارض مع استعداد المسلم لذهاب هذه النعم لو قدّر الله عليه ذهابها، فيكون قد تعوّد على الحياة الخشنة والحياة البعيدة عن الترف ولا يلزم أن تكون حياته دائماً كذلك، ولهذا فأرى أن يُحمل الأمر على ذلك.
ثم إن قوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11]، فليست خاصة بالنعم الحسية المادية فقط فأعظم النعم هي نعمة الإسلام، والنعم المعنوية أعظم من النعم الحسية: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} في أيِّ نعمة، نعمة الإسلام، نعمة الخَلْق، نعمة الصحة، نعمة السعادة، نعمة المال، نعمة السكن، فمثلاً الذي وهبه الله مالاً يحب الله أن يرى أثر نعمته عليه بالكرم والإنفاق على الفقراء والمساكين وليس بالمسكن فقط أو بالمركوب أو بالملبوس فإن أثر النعمة لا يقتصر على ذلك كما يبدو من فهم الأخت السائلة.
فلهذا فأقول إن الآية والحديث في ظهور أثر النعمة أعمّ من أن يكون في المأكول أو الملبوس أو المشروب أو المسكن، بينما: "اخشوشنوا" قد يتعلق بشيءٍ من ذلك فلا تعارض إذن بين هذا الحديث وبين ما ذكرته الأخت، وكلٌّ يُحمل في مجاله وفي موضعه هذا على قول بصحته، ولكن الذي يظهر أنه إلى الضعف أقرب، ولا يثبت رفعه، مع صحة معناه ودلالته، والله أعلم.

إرسال تعليق

 
Top