0
شرح حديث (خير الناس من طال عمره وحسن عمله...)من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله

عن أبي صفوان عبد الله بن بشر الأسلمي ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وسيء عمله) رواه الترمذي(79) . وقال : حديث حسن .
( بسر) بضم الباء ، وبالسين المهملة .

الشرح

في حديث عبد الله بن بسر ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس من طال عمره وحسن عمله ) لأن الإنسان كلما طال عمره في طاعة الله زاد قرباً إلى الله وزاد رفعة في الآخرة ؛ لأن كل عمل يعمله فيما زاد فيه عمره فهو يقربه إلى ربه ـ عز وجل ـ فخير الناس من وفق لهذين الأمرين .
أما طول العمر فإنه من الله ، وليس للإنسان فيه تصرف ؛ لأن الأعمار بيد الله ـ عز وجل ـ ، وأما حسن العمل ؛ فإن بإمكان الإنسان أن يحسن عمله ؛ لأن الله تعالى جعل له عقلاً ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ، وبين المحجة ، وأقام الحجة ، فكل إنسان يستطيع أن يعمل عملاً صالحاً ، على أن الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن بعض الأعمال الصالحة سبب لطول العمر ، وذلك مثل صلة الرحم ؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه )(80) ، وصلة الرحـم من أسباب طول العمر ، فإذا كان خير الناس من طال عمره وحسن عمله ؛ فإنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله دائماً أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله ، من أجل أن يكون من خير الناس .
وفي هذا دليل على أن مجرد طول العمر ليس خيراً للإنسان إلا إذا أحسن عمله ؛ لأنه أحياناً يكون طول العمر شراً للإنسان وضرراً عليه ، كما قال الله تبارك وتعالى : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (آل عمران:178) ، فهؤلاء الكفار يملى الله لهم ـ أي يمدهم بالرزق والعافية وطول العمر والبنين والزوجات ، لا لخير لهم ولكنه شر لهم ـ والعياذ بالله لأنهم سوف يزدادون بذلك إثماً .
ومن ثم كره بعض العلماء أن يدعى للإنسان بطول البقاء ، قال : لا تقل : أطال الله بقاءك إلا مقيداً ؛ قل أطال الله بقاءك على طاعته ؛ لأن طول البقاء قد يكون شراً للإنسان . نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن طال عمره وحسن عمله ، وحسنت خاتمته وعافيته ، إنه جواد كريم .

إرسال تعليق

 
Top