0
 أ.سحر المصري

إن تربية الأطفال هي من أهم المهام المنوطة بالوالِدَين وأخطرها.. ومع أنها مسؤوليّة كبيرة على كلا الوالِدَين لما فيها من صعوبات وتعقيدات ومشاكل، إلاّ أنها متعةٌ حين يشعران أنّهما يربيان أولادهم ويغدقان عليهم من العطف والحنان والرعاية ما يجعلهم ينطلقون في الحياة بثقة وثبات وصلابة إرادة..
يقول الله جلّ وعلا: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}؛ وقد روى الترمذي عن جابر بن سمرة قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَاع”..
فالأولاد أمانة في أعناق الأهل، وإنَّ أخصب مرحلة للتربية والتوجيه والتأديب هي مرحلة الطفولة التي تتميّز بالمرونة والفطرة والتلقي. ولكل بناء أساس، فإن كانت دعائم الأسس متينة قام البناء على أفضل ما يكون بإذن الله تعالى.
فلابدّ إذاً من زرع الفضائل والقِيَم والأخلاق في نفوس الأطفال، ولا بد من تربيتهم في الميادين كلها ابتداءً من بناء العقيدة والعبادة مرورًا ببناء الجانب الاجتماعي والأخلاقي والعاطفي والجسمي والعلمي؛ ليخرج لنا جيل قوي قادر على التغيير والإصلاح وخلافة الأرض.
وللتربية أصول وقواعد يجب اتّباعها في عملية التعامل مع الطفل من حيث الإثابة والعقاب وكيفية التعامل مع الطفل إن ظهر منه سلوك غير مرغوب فيه أو بالعكس قام بسلوك جيد. يقول ابن القيم في تحفة المودود: “وممّا يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه؛ فإنه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره”.
فالأهل هم الذين يغرسون في الطفل الأدب وحسن التصرف حتى إذا ما صدر منه ما يرونه معيباً أفهموه الخطأ ووجّهوه إلى السلوك الصائب وهكذا حتى يعتاد السلوك السليم.
أيهما أفضل؟!
والسؤال الذي يتردّد: هل التربية بالحوار أفضل أو التربية بالحزم والقسوة؟ والناس في ذلك بين إفراط وتفريط..
فالبعض يفضِّل الأسلوب الصارم واستعمال “العصا” مع الجيل الجديد ويراها طريقة أفضل من اللجوء إلى الأساليب التربوية والنفسية التي ينادي بها الغرب. والحقيقة أن الفريقين قد جانبا الصواب في التربية الصحيحة.
فلا اللين الدائم ولا القسوة المفرطة يمكن أن يُنبِتا طفلاً سليماً واثقاً قادراً على خوض غمار الحياة. وهنا يقع على الأهل العبءُ الأكبر في تحمّل مسؤولياتهم تجاه أطفالهم. فهم بحاجة إلى تعرّف مراحل نمو الأطفال كافة وما يحتاجونه في كل مرحلة حتى يستطيعوا تفهّم سلوكياتهم فيوجهوهم ويرشدوهم.
ولو عدنا إلى أسباب الخطأ الذي يرتكبه الطفل فإننا نجده إمّا فكرياً؛ كأن لا يوجد عند الطفل مفهوم صحيح عن الشيء، وإمّا عملياً كأن يقوم بعمل فلا يجيده، وإما نابعًا عن إرادة جازمة من الطفل وإصرار على الخطأ.. ولكلّ نوعٍ طريقة في التعامل..
فحين يكون الخطأ ناتجا عن سوء فهم حقيقة الأشياء يعمد الوالدان إلى التوضيح والتفسير، فإذا علِم الطفل الصواب اتّبعه.. وهذا ما اعتمده الحبيب -عليه الصلاة والسلام- حين رأى الحسن أو الحسين -رضي الله عنهما- يأكل تمرة من تمر الصدقة، فقال له الحبيب عليه الصلاة والسلام: “كخْ.. كخْ.. ارْمِ بها، أما علِمتَ أنّا لا نأكل الصدقة؟” فأوضَح الرسول -صلى الله عليه وسلّم- السبب في زجره ومنعه من أكل التمرة ولم يتركه حائراً يبحث عن السبب!
وأحياناً يخطئ الطفل في القيام بعمل لم يعمله من قبل فلا يجب أن يُحاسَب على خطئه هنا لأنه من الطبيعي أن لا يُفلِح في إنجاز أمر لم يسبق له أن قام به.. وليكن شعار الوالِدَين ما قاله الحبيب عليه الصلاة والسلام للصبي الذي لم يعرف كيف يذبح الشاة حيث قال: “تنَحَّ حتى أُرِيَك”!
أمّا إن كان الطفل يعلم أن ما يفعله خطأ، وأصرّ عليه، ولم يحسِّن سلوكه، أو حين يكون في أفعاله خطرٌ على حياته؛ فهنا يصبح التأديبُ واجبًا على الأهل حتى يقوِّموا اعوجاجَ سلوك الطفل ليمتنع عن أعمال خطيرة عليه أو عادات سيئة..
يقول الحبيب عليه الصلاة والسلام: “مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً”.
فيُلاحَظ هنا أن الشرع أعطى الطفل مدة طويلة حتى يوجه إلى أفضل الأعمال –الصلاة– وصَبَر عليه طوال سبع سنوات، وأمَرَ الأهل أن لا يبادروا إلى العقاب إلا حين يصرّ الطفل على عدم أدائها بعد سنّ العاشرة. وعلى الأهل انتهاج هذا الأسلوب في تعاملهم مع أطفالهم بأن يصبروا على توجيههم والحوار معهم وترك العقوبة إلى آخر المطاف.. فإنّ من أكبر الأخطاء في التربية أن يُعلّم الابن السلوك قبل أن يُعلَّم المعتقد، فالمُعتَقَد الراسخ هو الذي يعلِّم السلوك!”.
وتستجلي الإشكالية في التعامل مع الأبناء بقولها: “والمشكلة أن الأب والأم في بعض الأحيان لا يؤدّيان عمل المربي في البيت، وإنما يعملان عمل القاضي والمحقِّق، فيطلِقان الأحكام ويعاقبان دون أن يقوموا بالتوجيه والحوار بدايةً..
وأمّا إذا لم ينتهِ الطفل ولم ينفع معه الإرشادُ وأصرّ على القيام بالسلوك غير المرغوب فحينها يكون التأديب بسبيل آخر غير الحوار.. ولكن على أن يكون العقاب الجسدي هو آخر المطاف..
13 وسيلة تربوية
وقد ذكر الأستاذ محمد ديماس في كتابه (كيف تغيِّر سلوك طفلك) ثلاثة عشرة وسيلة تربوية للتغيير سأعرضها من الأخف إلى الأشد، وهي باختصار:
- التعريض: وهو أن ينقد المربي السلوك الخاطئ من دون أن ينقد الطفل أو يوجّه إليه الحديث مباشرة، وبذلك يكون هناك فرصة للطفل لمراجعة سلوكه وتصحيح خطئه.
- التوجيه المباشر: كمجالسة الطفل والتحاور معه والحرص على قوة الامتزاج النفسي بين الطفل والمربي، وبذلك يتقبّل ما يمليه عليه من توجيهات سلوكية وإيمانية وتربوية.
- التوبيخ: على أن يكون بغير استهزاء وتحقير لشخصية الطفل واختصاره بكلمات قليلة تُقال بغير انفعال، ويكون التوبيخ بالاقتراب من الولد والنظر في عينيه نظرة حادة ثم التعبير عن مشاعر الاستياء الكلامي وتسمية السلوك المنافي المرتكَب منه.
- المقاطعة: وهذا الأسلوب يعتمد مقاطعة الأسرة مثلاً له..
- العقاب الذاتي: بحيث يُترَك الطفل يتحمل نتائج سلوكه السيئ حتى يرتدع على أن لا يكون هناك خطرٌ عليه من تحمّلِه نتائجَ هذه التصرفات الخاطئة.
- العقاب المنطقي: وهو معاقبة سلوك الطفل بسلوك آخر منطقي، على أن لا يعرّض الطفل لمخاطر؛ فمن الأهمية بمكان تجنب نتيجة تكون شديدة الوقع أو تستمر لمدة طويلة. فمثلاً إذا منع الأهل الطفل من ركوب الدراجة في الشارع خوفاً عليه ولم يخضع للكلام وركبها، يعاقب بحرمانه من ركوب الدراجة لمدة معينة.
- العقاب غير المنطقي: ونعني به معاقبة سلوك الطفل بسلوك آخر غير منطقي ويُستعمل حين تكون النتائج المنطقية غير مجدية. مثال على ذلك أن نحرم الطفل من مشاهدة التلفاز ليومين؛ لأنه كذب على والدَيه.. ومن المهم هنا أن يطلب المربي من الطفل أن يكرر بصوت عال السلوك السيئ الذي يمارسه وأيضاً العقوبة التي ستنزل به إذا ما مارس ذلك السلوك.
- التشبع: وهو استبعاد حالات الحرمان. فإن حصل الطفل على اهتمام وتدعيم كاف على السلوك المرغوب ولم يحصل على تدعيم على السلوك غير المرغوب فهذا من شأنه أن يعزز عنده السلوك المرغوب والابتعاد عن السلوك غير المرغوب.
- الانطفاء: وهو التغافل عن الطفل حين يعمل شيئاً لا نريد أن يعمله؛ لأن التغافل عن كثير من جوانب السلوك المزعجة سيؤدي إلى اختفائها تدريجياً خاصة إن كان السلوك الخاطئ محاولة من الطفل للضغط على مشاعر الأهل ليلبوا مطالبه.
- تجنب الموقف المثير: عن طريق تجنب الظروف التي تؤدي إلى حدوث السلوك غير المرغوب فيه.
- تبديل السلوك المخالف: وهو السلوك الذي يمنع السلوك غير المرغوب من الحدوث. أي أن المربي يعطي السلوك الصحيح في نفس الوقت الذي يصدر عن الطفل السلوك الخاطئ ولا يستجيب للطفل إلا إذا استجاب للسلوك الصحيح.
- فرض عقوبة الحجز: وهذا الأسلوب يتلخّص بحجز اللعبة المتخاصم عليها –مثلا- بدلا من معاقبة أحد الطفلين أو كليهما.
- آخر الدواء الكي: العقاب: والعقوبة الجسدية تكون بالضرب والتهديد والزجر والصراخ في وجه الطفل عندما يصدر منه سلوك غير مرغوب فيه.
ونلاحظ هنا أن الصراخ يعده علماء النفس التربوي من أشد العقوبات لِما فيه من إهانة للطفل وما له من آثار سلبية على تقديره الذاتي وتحطيم لمعنوياته والتشكيك في قدراته وسحب لثقته بنفسه وإلغاء التواصل بينه وبين الأهل.. وعواقبه قد تفوق أحياناً الضرب.. وهو لا يؤدي إلى النتيجة المرجوّة من تغيير السلوك؛ إذ إن الطفل يركِّز على تفادي الصوت المرتفع وردّة فعل الأهل أكثر من التفكير بالسلوك السيئ نفسه.. في حين نرى الأهل يبادرون أول ما يبادرون حين يقوم الابن بسلوك خاطئ إلى الصراخ في وجهه ويعدنه أمراً طبيعياً للتأديب!
ونتوقف قليلاً عند نقطة العقوبة الجسدية أو الضرب فحتى في حال اضطرار الأهل للجوء إلى هذا الأمر كحل نهائي عليهم أن يتدرّجوا في استخدامه؛ فلا يقعون على الطفل بالضرب المبرح أو يستعملون الآلات الحادة.. فالضرب المباح هو الذي لا يسبب آثارًا سيئة؛ نفسية كانت أو جسدية يعانيها الطفل ربما إلى آخر حياته.. ودعونا نفصِّل قليلاً أمر العقاب الجسدي وحيثياته.. فعلى الأهل مراعاة النقاط الآتية:
- إبقاء السوط معلّقاً في البيت للتخويف؛ فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “علِّقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم”.
- إذا أصرّ الطفل على ارتكاب الخطأ فعلى الأهل كخطوة أولى أن يُظهِروا أداة العقوبة كالسوط أو العصا مثلاً فبذلك يسارع الطفل خوفاً إلى تصحيح سلوكه.
- شدّ الأُذُن: من الممكن أن تكون أول عقوبة جسدية فحين يتألم الطفل يخاف من إعادة السلوك الخاطئ. وقد استعمله الحبيب عليه الصلاة والسلام حين أكل عبد الله بن بُسْر المازني رضي الله عنه من العنب.
قواعد مهمة قبل ضرب الطفل
أما إذا بقي معانداً بعد هذا فيمكن اعتماد الضرب كعقوبة رادعة على أن تكون بقواعد أهمها:
- أن يكون عمر الطفل عشرة أو ما فوق؛ فالصغير غير العاقل لا يُضرَب.
- أن لا يكون مكرراً بحيث يفقد فعاليته وهيبته.
- أن لا يكون للتشفّي والانتقام وتفريغ شحنات غضب الأهل.
- أن لا يتعدّى عدد ثلاث ضربات.
- أن لا يكون بآلة حادة تشق الجلد.
- أن لا يرفع المؤدِّب آلة الضرب فوق إبطه حتى لا تكون الضربة قوية تسبِّب الألم المبرِح.
- أن لا يكون في محل واحد.
- أن يكون هناك زمن بين الضربتين فلا تكون الضربة الثانية حتى يخفّ ألم الضربة الأولى.
- أن يتّقي الضارب الوجه والفرج والرأس (ويُفضَّل على الكفّين والرجلين فقط).
- أن يتوقف المؤدِّب عن الضرب إذا ذكر الطفلُ رب العزّة سبحانه وتعالى.
نقطة على حرف..
إن لجوء الأهل مباشرة إلى الضرب دون التدرّج في الوسائل التربوية من الأخف إلى الأشد –على حسب الحالة– عائدٌ إلى الاعتقاد السائد أن الضرب له نتائج سريعة لتعديل السلوك، والحقيقة هي أنه هو الأسلوب الأسهل لانتهاجه في ظل الضغوط والمسؤوليات المُلقاة على عاتق الأهل، فلا يكلِّفون أنفسهم عناء التوجيه والصبر على الأولاد والتفتيش عن الباعث الذي أدّى إلى الخطأ لعلاج المشكلة الحقيقية في السلوك.
ومضات..
- على الأهل إثابة السلوك الجيد قبل المحاسبة على السلوك السيئ.
- بناء العلاقة المتينة بين الأهل والأطفال كفيلة بتعزيز التقدير الذاتي للطفل وقبوله التوجيه من الأهل دون الحاجة إلى الضرب والتوبيخ.
- لا يجب العزوف عن العقوبة بسبب الدلال أو خوف الأهل على الطفل؛ فالسكوت هو إثابة ضمنية على السلوك السيئ.
- يجب التركيز عند العقاب على رفض السلوك السيئ وليس شخص الطفل نفسه، وإفهام الطفل: أنني كمُرَبٍّ أكره السلوك ولكني أحبه كشخص.
- يُمكِن استخدام التخويف بجميع درجاته كالتهديد بعدم رضاء الله تعالى.
- مراعاة الحالة الفسيولوجية للطفل؛ لأنها قد تكون السبب في المشكلات السلوكية كالتعب والجوع.
- انتهاج مبدأ الحوار بقوة مع الطفل، وبذلك يشعر بتقدير لذاته، فينمو هذا التقدير ويصبح سلوكه مرغوباً فيه، فالطفل حين يقتنع بما يقول المربّي تصبِح القِيَم مترسِّخة داخله.
- تأكيد شرح الخطأ في السلوك وضرورة إعطاء السلوك البديل حالاً.
- عدم تهديد الأطفال بوالدهم كعقاب؛ لأنهم سيخافونه بعد ذلك وتنتفي العلاقة الأبوية في حياة الأطفال.
- العقاب لا يكون على سلوك خاطئ قام به الطفل لأول مرة.
- تأكيد عدم الضرب أمام أصدقاء الطفل حتى لا يشعر بالمهانة.
- مراعاة الخصائص الشخصية المميزة للطفل حين اختيار نوع العقاب؛ فما ينفع مع طفل ربما لا ينفع بالضرورة مع آخر.
- تركيز الأهل على الإيجابيات لتعزيز ثقة الطفل بنفسه بل البحث عنها وإبرازها بدلا من الاقتصار على تتبّع السلبيات والسلوكيات الخاطئة ومعاقبتهم عليها.
عواقب الضرب
إن للضرب عواقبَ وخيمة -على الصعيد النفسي والجسدي- إن كان خارج الأسس التي يجب اعتمادُها، وقد يؤدّي إلى انهيار نفسية الطفل وتحطيم مستقبله.. ومن مخاطر العقاب ما يلي:
- الهرب من تكاليف الحياة.
- فِقدان تقديره الذاتي وتدني مستوى احترام الذات.
- عدم التعبير عن القدرات الكامنة.
- انعدام الاستقرار النفسي.
- عدم تحمّل المسؤولية.
- فقدان الثقة بالنفس والغير.
- توليد الكراهية في النفس وعدم قبول الآخر.
- استخدام العنف كوسيلة لتحقيق الهدف وحل المشاكل.
- الكآبة والقلق والخوف.
- الرفض والعصيان والعدائية.
- اهتزاز الشخصية.
- عدم النضج الانفعالي.
- الكره والعدوانية.
- عدم القدرة على مواجهة الأحداث والمواقف.
- الرهبة من اتخاذ القرار.
- الضرب المبرِح بآلات حادة وفي أماكن حساسة قد يؤدي أيضاً إلى أمراض عضوية كارتجاج الدماغ وتلف العضلات والأعصاب أو العمود الفقري والأوعية الدموية.. إلخ.

وأختم بكلمات أتوجّه بها إلى الأهل.. أبناؤكم هم نتاج تربيتكم، وأنتم تحصدون ما تزرعون فيهم.. فأحسِنوا الزرع.. ولا تشتموا الأرض والبذور إن لم تثمر أو أخرجت نكداً.. وعليكم بالسعي لتربية النشء وتطويره وإمداده بالمفاهيم والقِيَم والعلوم.. وهو صورة عنكم فأحسنوا العمل والخُلُق ليتشبهوا بكم.. حاولوا التخلّص من نمط المربي التقليدي الذي ينهى ويأمر، وانتقلوا إلى صورة أبهى وأنفع منتهجين في ذلك سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تعامله مع الأطفال وتربيته لصغار الصحابة الكرام رضوان الله عليهم..
وعليكم بترياق الحب والحنان؛ فإنه أفضل مقوِّم لكل سلوك سيء.. ولأن ينتهي الولد عن سلوك غير مرغوب فيه احتراماً ومحبة للأهل أفضل ألف مرة من أن ينتهي خوفاً ورهبة؛ فيعمله ربما في السر.. وخصِّصوا من الوقت ولو قليلا لأطفالكم لتعليمهم وإرشادهم واللعب معهم؛ فهذا أدعى إلى تقبل نصائحكم.. فالإشباع العاطفي للطفل، والجو الأسري المستقِر، والحوار الفعّال بين وبين أهله، والتواصل الإيجابي العاطفي بينه وبينهم؛ كل ذلك أساس سعادته، وحسن تقديره لذاته، ودافعه للسلوك الحسن الذي يتأصّل مع السنين حتى يصبح جزءًا من شخصيته كرجل، ويبقى الدعاء أنْ يا رب أصلِح لنا في ذريتنا وبارك لنا فيها.. وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماما.

إرسال تعليق

 
Top