Latest News

0

الترغيب في سؤال الجنة والاستعاذة من النار
 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ « قُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ».[1]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلي الله عليه وسلم) كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ[2].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  « اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِى بِزَوْجِى رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  وَبِأَبِى أَبِى سُفْيَانَ وَبِأَخِى مُعَاوِيَةَ. قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ  ( صلي الله عليه وسلم)  « قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّهِ وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِى الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ ».[3]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ ، إِلا قَالَتِ النَّارُ : يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ ، وَلا يَسْأَلُ اللَّهَ عَبْدٌ الْجَنَّةَ فِي يَوْمٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، إِلا قَالَتِ الْجَنَّةُ : يَا رَبِّ إِنَّ عَبْدَكَ فُلانًا سَأَلَنِي فَأَدْخِلْهُ "[4]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ : مَنْ قَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ سَبْعًا ، قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنِ اسْتَعَاذَ مِنَ النَّارِ ، قَالَتِ النَّارَ : اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ النَّارِ.[5]
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  : مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْجَنَّةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إِلاَّ قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ، وَلاَ اسْتَجَارَ مُسْلِمٌ مِنَ النَّارِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ إِلاَّ ، قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَجِرْهُ.[6]
 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ - قَالَ - فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِى الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ.
قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِى قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِى قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا لاَ. قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ - قَالَ - فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا - قَالَ - فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ »[7].
الفُضل : ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم
ـــــــــــــــ
 الترهيب من النار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه
 عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  « اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً ، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ » [8]
 قال تعالى : { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)} [البقرة/200-202]
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ ( صلي الله عليه وسلم)   وَالمُؤْمِنِينَ بِالإِكْثَارِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ بَعْدَ قَضَاءِ المَنَاسِكِ وَالفَرَاغِ مِنْهَا . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّ العَرَبَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقِفُونَ فِي المَوْسِمِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنْهُمُ : كَانَ أَبِي يُطْعِمُ وَيَحْمِلُ الدِّيَاتِ . . . إِلخ لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ غَيْرُ ذِكْرِ فِعَالِ آبَائِهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ هذِهِ الآيَةَ ، وَأَرْشَدَ المُسْلِمِينَ إِلَى دُعَائِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَثِيراً ، لِمَا فِي ذلِكَ مِنْ مَظنَّةٍ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَذَمَّ اللهُ الذِينَ لا يَسْأَلُونَ إِلاَّ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنْ أَمْرِ آخِرَتِِهِمْ ، غَيْر مُهْتَمِّينَ بِهِ .
 وَهؤلاءِ لَهُمْ نَصِيبٌ مَضْمُونٌ مِمَّا كَسَبُوهُ بِالطَّلَبِ وَالرُّكُونِ إِلَى اللهِ ، لا يُبْطِئُ عَلَيْهِمْ ، فَاللهُ تَعَالَى سَرِيعُ الحِسَابِ ، وَهُوَ يَجْزِي كُلاً بِمَا يَسْتَحِقُّهُ .
وَإِلى جَانِبِ أُولَئِكَ المُهْتَمِّينَ بِأَمْرِ الدُّنْيا فَقَطْ ، آخَرُون يَهْتَمُونَ بِأَمْرِ الآخِرَةِ إِلى جَانِبِ اهْتِمَامِهِمْ بِأَمْرِ الدُّنيا فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيا حَسَنَةً ( وَتَشْمَلُ كُلَّ مَطْلَبٍ دَنْيَويِّ ) وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ( وَتَشْمَلُ دُخُولَ الجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ ) ، وَهَذا يَقْتَضِي تَيْسِيرَ أَسْبَابِهِ فِي الدُّنْيا : مِنِ اجِتِنَابِ المَحَارِمِ وَالآثَامِ ، وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ .
وعَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ قَالَ سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ حَاتِمٍ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم) - يَقُولُ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ »[9] .
وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ذَكَرَ النَّبِىُّ ( صلي الله عليه وسلم)  النَّارَ ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا ، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ - قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلاَ أَشُكُّ - ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ »[10]
وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ  ( صلي الله عليه وسلم)  « اتَّقُوا النَّارَ » . ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ، ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ » . ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثَلاَثًا ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ قَالَ « اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ »[11] .
 وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، قَالَ : قَامَ النَّبِيُّ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، فَقَالَ : اتَّقُوا النَّارَ ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اتَّقُوا النَّارَ ، ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ يَرَاهَا ، ثُمَّ قَالَ : اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا ، فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ.[12]
أشاح بشين معجمة وحاء مهملة معناه حذر النار كأنه ينظر إليها وقال الفراء المشيح على معنيين المقبل إليك والمانع لما وراء ظهره قال وقوله أعرض وأشاح أي أقبل
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (214) سورة الشعراء،  دَعَا رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  قُرَيْشًا فَاجْتَمَعُوا فَعَمَّ وَخَصَّ فَقَالَ « يَا بَنِى كَعْبِ بْنِ لُؤَىٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ شَمْسٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ يَا فَاطِمَةُ أَنْقِذِى نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا »[13]. أبل : أصل
 وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  يَخْطُبُ فَقَالَ :« أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ ، أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ ». فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى لَوْ كَانَ فِى مَقَامِى هَذَا لَسَمِعَهُ أَهْلُ السُّوقِ وَحَتَّى سَقَطَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ رِجْلِيهِ.[14] 
الخميصة : كساء أسود مربع له علمان فى طرفيه من صوف وغيره
وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، يَقُولُ : أُنْذِرُكُمَ النَّارَ ، حَتَّى سَقَطَ أَحَدُ عِطْفَيْ رِدَائِهِ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : أُنْذِرُكُمَ النَّارَ ، حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ مَكَانِي هَذَا لأَسْمَعَ أَهْلَ السُّوقِ ، أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ.[15]
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  « إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ أُمَّتِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ »[16].
الحجز : جمع حجزة وهى معقد الإزار والسراويل -تقحمون : تقعون
 وعَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم) . فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم)  « مَثَلِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِى فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا قَالَ فَذَلِكُمْ مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ أَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ هَلُمَّ عَنِ النَّارِ فَتَغْلِبُونِى تَقَحَّمُونَ فِيهَا »[17].
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  « مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِى »[18].
الجنادب : جمع جندب وهو نوع من الجراد يقفز ويطير -الحجز : جمع حجزة وهى معقد الإزار والسراويل
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  : " مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الْجَنَّةِ ، نَامَ طَالِبُهَا . وَلَا مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا "[19] .
 وعَنْ كُلَيْبِ بْنِ حَزْنٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   يَقُولُ : " يَا قَوْمُ " اطْلُبُوا الْجَنَّةَ جَهْدَكُمْ ، وَاهْرَبُوا مِنَ النَّارِ جَهْدَكُمْ ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَنَامُ طَالِبُهَا ، وَإِنَّ النَّارَ لَا يَنَامُ هَارِبُهَا ، أَلَا إِنَّ الْآخِرَةَ الْيَوْمَ مُحَفَّفَةٌ بِالْمَكَارِهِ ، وَإِنَّ الدُّنْيَا مُحَفَّفَةٌ بِالشَّهَوَاتِ "[20]
 وقَالَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، ارْغَبُوا فِيمَا رَغَبَّكُمُ اللَّهُ فِيهِ ، وَاحْذَرُوا مِمَّا حَذَّرَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ ، وَخَافُوا مِمَّا خَوَّفَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عَذَابِهِ وَعِقَابِهِ وَمِنْ جَهَنَّمَ ؛ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَطْرَةً مِنَ الْجَنَّةِ مَعَكُمْ فِي دُنْيَاكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا حَلَّتْهَا لَكُمْ ، وَلَوْ كَانَتْ قَطْرَةٌ مِنَ النَّارِ مَعَكُمْ فِي دُنْيَاكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا خَبَّثَتْهَا عَلَيْكُمْ "[21]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  أَتَى بِفَرَسٍ ، يَجْعَلُ كُلَّ خَطْوٍ مِنْهُ أَقْصَى بَصَرِهِ ، فَسَارَ وَسَارَ مَعَهُ جِبْرِيلُ  ( صلي الله عليه وسلم)  فَأَتَى عَلَى قَوْمٍ يَزْرَعُونَ فِي يَوْمٍ ، وَيَحْصُدُونَ فِي يَوْمٍ ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، تُضَاعَفُ لَهُمُ الْحَسَنَةُ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، وَلَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَثَاقَلَتْ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ ، وَعَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ ، يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْأَنْعَامُ إِلَى الضَّرِيعِ وَالزَّقُّومِ وَرَضْفِ جَهَنَّمَ . قَالَ : مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ ، وَمَا اللَّهُ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ فِي قِدْرٍ نَضِيجٌ ، وَلَحْمٌ آخَرُ نِيءٌ خَبِيثٌ ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ الْخَبِيثَ وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ . قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ يَقُومُ مِنْ عِنْدِ امْرَأَتِهِ حَلَالًا ، فَيَأْتِي الْمَرْأَةَ الْخَبِيثَةَ ، فَيَبِيتُ مَعَهَا حَتَّى يُصْبِحَ ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلَالًا طَيِّبًا ، فَتَأْتِي الرَّجُلَ الْخَبِيثَ فَتَبِيتُ عِنْدَهُ حَتَّى تُصْبِحَ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ جَمَعَ حُزْمَةً عَظِيمَةً لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِكَ عَلَيْهِ أَمَانَةُ النَّاسِ ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدَاءَهَا وَهُوَ يَزِيدُ عَلَيْهَا ، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ حَدِيدٍ ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ ، لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ . قَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَؤُلَاءِ ؟ قَالَ : خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى جُحْرٍ صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ثَوْرٌ عَظِيمٌ ، فَيُرِيدُ الثَّوْرُ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ حَيْثُ خَرَجَ فَلَا يَسْتَطِيعُ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ فَيَنْدَمُ عَلَيْهَا ، فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَوَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَوَجَدَ رِيحَ مِسْكٍ مَعَ صَوْتٍ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالَ : صَوْتُ الْجَنَّةِ تَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَ غَرْسِي ، وَحَرِيرِي ، وَسُنْدُسِي ، وَإِسْتَبْرَقِي ، وَعَبْقَرِيِّي ، وَمَرْجَانِي ، وَقَصَبِي ، وَذَهَبِي ، وَأَكْوَابِي ، وَصِحَافِي ، وَأَبَارِيقِي ، وَفَوَاكِهِي ، وَعَسَلِي ، وَثِيَابِي ، وَلَبَنِي ، وَخَمْرِي ، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي . قَالَ : لَكِ كُلُّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ وَمُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ . وَمَنْ آمَنَ بِي وَبِرُسُلِي ، وَعَمِلَ صَالِحًا ، وَلَمْ  يُشْرِكْ بِي شَيْئًا ، وَلَمْ يَتَّخِذْ مِنْ دُونِي أَنْدَادًا - فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ ، وَمَنْ أَقْرَضَنِي جَزَيْتُهُ ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ كَفَيْتُهُ ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ، لَا خُلْفَ لِمِيعَادِي ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، فَقَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ ، ثُمَّ أَتَى عَلَى وَادٍ فَسَمِعَ صَوْتًا مُنْكَرًا ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذَا الصَّوْتُ ؟ قَالَ : هَذَا صَوْتُ جَهَنَّمَ تَقُولُ : يَا رَبِّ ، ائْتِنِي بِأَهْلِي وَبِمَا وَعَدْتَنِي ، فَقَدْ كَثُرَ سَلَاسِلِي ، وَأَغْلَالِي ، وَسَعِيرِي ، وَحَمِيمِي ، وَغَسَّاقِي ، وَغِسْلِينِي ، وَقَدْ بَعُدَ قَعْرِي ، وَاشْتَدَّ حَرِّي ، ائْتِنِي بِمَا وَعَدْتَنِي . قَالَ : لَكِ كُلُّ مُشْرِكٍ وَمُشْرِكَةٍ وَخَبِيثٍ وَخَبِيثَةٍ ، وَكُلُّ جَبَّارٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ . قَالَتْ : قَدْ رَضِيتُ .[22]
- الرَّضْخ : الشَّدْخ. والرَّضْخ أيضا : الدّقُّ والكسر - الأدبار : جمع الدبر ودبر كل شيء عقبه ومؤخره-الأنعام : الإبل والبقر والغنم- الضريع : نبات الشبرق لا تقربه دابة لخبثه- قصعته : ضربته وقمعته-قرض : قطع-المقاريض : جمع المقراض وهو المقص وكل ما يُقْطَع به الأشياء- قرضت : قطعت- العرف : الريح الطيبة- الأغلال جمع الغُل : وهو طوق من حديد أو جلد يجعل في عنق الأسيرأو المجرم أو في أيديهما - الغساق : بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم ، وقيل الزمهرير
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً ». قَالُوا وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ». وَحَضَّهُمْ عَلَى الصَّلاَةِ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَسْبِقُوهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْصَرِفُوا قَبْلَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَةِ وَقَالَ « إِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِى وَمِنْ أَمَامِى »[23]
 وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ النَّبِيَّ  ( صلي الله عليه وسلم)  مَرَّ بِقَوْمٍ يَضْحَكُونَ فَقَالَ : " تَضْحَكُونَ وَذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ ! " . قَالَ : فَمَا رُئِيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ ضَاحِكًا حَتَّى مَاتَ ، قَالَ : وَنَزَلَتْ : "  نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)  [الحجر/49-51]"[24]
 وعن عبد الله بن عمر : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   يَقُولُ : " لَا تَنْسَوَا الْعَظِيمَيْنِ " . قُلْنَا : وَمَا الْعَظِيمَانِ ؟ قَالَ : " الْجَنَّةُ وَالنَّارُ " فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  مَا ذَكَرَ ثُمَّ بَكَى حَتَّى جَرَى أَوْ بَلَّ الدَّمْعُ جَانِبَيْ لِحْيَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ تَعْلَمُونَ مِنَ الْأَمْرِ مَا أَعْلَمُ لَمَشَيْتُمْ إِلَى الصَّعِيدِ عَلَى رُءُوسِكُمُ التُّرَابَ " [25]
الحثو والحثي : الاغتراف بملء الكفين ، وإلقاء ما فيهما
 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ بَنُو آدَمَ جُزْءٌ وَاحِدٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا ».[26]
 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -r -. وَعَمْرٌو عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ « إِنَّ نَارَكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَضُرِبَتْ بِالْبَحْرِ مَرَّتَيْنِ وَلَوْلاَ ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لأَحَدٍ »[27]
 وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  « يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا ».[28]
 قَالَ فِي اللَّمَعَاتِ : لَعَلَّ جَهَنَّمَ يُؤْتَى بِهَا فِي الْمَوْقِفِ لِيَرَاهَا النَّاسُ تَرْهِيبًا لَهُمْ [29].
 والزمام: لغة ما يجعل في أنف البعير يشد عليه المقود فيحتمل أن يكون ذلك على حقيقته، وأن تكون تمثيلاً لعظمها وفرط كبرها بحيث إنها تحتاج في الإتيان بها إلى هذه الأزمة[30]
وهذا يدل على عظمة هذه النار نسأل الله أن يعيذنا والمسلمين منها ومن هول ذلك اليوم لأن الله تعالى جعل سبعين ألف ملك مع كل زمام من سبعين ألف زمام يجرون بها جهنم والعياذ بالله فهذا العدد الكبير من الملائكة يدل على أن الأمر عظيم والخطر جسيم[31]
ـــــــــــــــ
أسماء النار
 ذكر اللهُ تعالى في كتابه النارَ بعدة أسماء وهي:
•جهنم: قال تعالى: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعاًّ ){الطور:13}.
وفي ذلِكَ اليَوْمِ يُدفَعُ هؤلاءِ المُكَِذِّبُونَ ، الخَائِضُونَ في البَاطِل ، إِلى جَهَنَّم دَفْعاً عَنيفاً ، وَيُسَاقُونَ إليها سَوْقاً .
•لظى: قال تعالى: ( كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى ) {المعارج:15-16}.
كَلاَّ لاَ يُقْبَلُ فِدَاءٌ مِنَ الكَافِرِ ، وَلَوْ أَنَّهُ افْتَدَى بِجَمِيعِ أَهْلِ الأَرْضِ ، وَبِجَمِيعِ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ ذَهَبٍ وَمَالٍ ، إِنَّهَا النَّارُ الشَّدِيدَةُ الحَرَارَةِ .
تَحْرُقُ كُلَّ شَيءٍ بَارِزٍ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ فَتُزِيلُهُ وَكَأَنَّهَا تَنْزِعُهُ انْتِزَاعاً .
•الحُطَمة:قال تعالى: (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)){الهمزة:4-9}.
كَلاَّ إِنَّ مَالَهُ لَنْ يُخَلِّدَهُ ، وَلَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ عَذَابِ اللهِ ، وَسَيُطْرَحُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ كَمَا تُطْرَحُ النَّوَاهُ .
 ( وَسُميتِ النَّارُ حُطَمَةً لأَنَّهَا تُحَطِّمُ كُلَّ مَا يُلْقَى فِيهَا وَلاَ تُبْقِي مِنْهُ عَلَى شَيءٍ ) .
يُنْبَذَنَّ - يُقْذَفَنَ قَذْفاً كَمَا تُقْذفُ النَّوَاةُ . وَهَذِهِ الحُطَمَةُ لَيْسَتْ مِمّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُكَ .
  إِنَّهَا نَارُ اللهِ المُشْتَعِلَةِ التِي أَعَدَّهَا اللهُ لِعَذَابِ الكَفَرَةِ العُصَاةِ .
 وَإِنَّهَا لَتَبلُغُ فِي عَذَابَهِمْ إِلَى قُلُوبِهِمْ فَتَنْهَشُهَا نَهْشاً ، وَالقَلْبُ أَكْثَرُ الأَعْضَاءِ تَأَلماً ، فَإٍذَا نَهَشَتْهُ النَّارُ بَلَغَ العَذَابُ بِالإِنْسَانِ أَقْصَاهُ .
 وَتُطْبِقُ النَّارُ عَلَيْهِمْ إِطْبَاقاً شَدِيداً ، وَتُغْلَقُ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُهَا ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ مِنْهَا خَلاَصاً .
وَأَبْوَابُ النَّارِ تُطْبَقُ عَلَيْهِمْ ، وَتُشَدُّ بِأَعْمِدَةٍ مُمَدَّدةٍ مِنْ حَدِيدٍ فَلاَ يُفْتَحُ عَلَيْهِمْ بَابٌ .
 ( أَوْ إِنَّهُمْ يَكُونُونَ مُوثَقِينَ فِي النَّارِ ، وَمَشْدُودِينَ إِلَى أَعْمدةٍ مُمَدَّدَةٍ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ حَرَاكاً وَلاَ خَلاَصاً ) .
•السعير:قال تعالى: (  وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) {الشورى:7}.
وَكَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ ، وَأَرْسَلْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى قَوْمِهِ لِيَسْتَطِيعَ دَعْوَتَهُمْ إِلَى اللهِ بِلُغَتِهِمْ وَلِسَانِهِمْ ، وَلِيَفْهَمُوا مِنْهُ مَعَانِي مَا يُرِيدُ إِبْلاَغَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ ، كَذلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً وَاضِحاً جَلِيّاً مُنَزَّلاً بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ ، لُغَةِ قَوْمِكَ لِتُنْذِرَ أَهْلَ مَكَةَ ( أُمَّ القُرَى ) ، وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ النَّاسِ ، وَتُحَذِّرَهُمْ عِقَابَ اللهِ ، يَوْمَ القِيَامَةِ ، يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الخَلاَئِقَ لِيُحَاسِبَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، وَهُوَ يَوْمٌ وَاقِعٌ لاَ شَكَّ فِيهِ وَلاَ رَيْبَ ، فَيجْزِي الكَافِرِينَ الظَّالِمِينَ بِمَا اجْتَرَحُوا مِنَ الإِثْمِ والسَّيِّئَاتِ ، وَيَكُونُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَيُقْذَفُونَ فِيهَا قَذْفاً ، وَيَجْزِي المُحْسِنِينَ بِالجَنَّةِ .
•سقر: قال تعالى: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وَجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) {القمر:48}.
وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ في النَّارِ ، وَيُجرُّونَ فِيهَا عَلَى وُجُوهِهِمْ ، وَيُقَالُ لَهُمْ تَقْريعاً وَتَوْبِيخاً : ذُوقوا حَرَّ نَارِ جَهَنَّمَ وآلامَها جَزَاءً لَكُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ وَتَكْذِيبِكُمْ رُسُلَ رَبِّكمْ وَجَحْدِكُمْ بآياتِه .
وقال تعالى {  سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) } [المدثر/26-30]
 سَأْدْخِلُهُ جَهَنَّمَ ، وأَغْمُرُهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ .وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَ نَارُ جَهَنَّمَ؟ إِنَّهَا بَلَغَتْ فِي الغَرَابَةِ حَدّاً لاَ يُمْكِنُ إِحَاطَةُ الوَصْفِ بِهِ .لا تُبْقِي لَحْماً ، وَلاَ تَذَرُ عَظْماً ، وَإِنَّمَا تَأْتي عَلَيْهِ جَمِيعاً . تُلَوِّحُ الجِلْدَ فَتحْرِقُهُ وَتُغَيِّرُ لَوْنَهُ . وَعَلَى النَّارِ خَزَنَةٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ ، عِدَّتُهُمْ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً يَلُونَ أَمْرَهَا .
 وقال تعالى :{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) } [المدثر/38-47]
كُلُّ نَفْسٍ مُرْتَهَنَةٌ بِعَمَلِهَا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ . إِلاَّ المُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ اليَمِينِ ، الذِينَ يُعْطَوْنَ كُتُبَ أًَعْمَالِهِمْ يَوْمَ الحِسَابِ فَيَتَنَاوَلُونَهَا بِأَيْمَانِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ فَكُّوا رَهْنَ أَنْفُسِهِمْ بِحُسْنِ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا .وَيَكُونُ أَصْحَابُ اليَمِينِ هَؤُلاَءِ فِي الجَنَّاتِ يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ . وَيَسْأَلُونَ عَنِ المُجْرِمِينَ الذِينَ يَكُونُونَ فِي دَرَكَاتِ النَّارِ . ثُمَّ يَسْأَلُونَ المُجْرِمِينَ وَهُمْ فِي النَّارِ : مَا الذِي أَدْخَلَكُمْ نَارَ جَهَنَّمَ؟
 وَيَرُدُّ المُجْرِمُونَ عَلَى سُؤَالِ الأَبْرَارِ أَهْلِ الجَنَّاتِ قَائِلِينَ : إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يُؤَدُّونَ الصَّلَواتِ .وَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَى خَلْقِ اللهِ الفُقَرَاءِ ، وَلَمْ يَكُونُوا يُطْعِمُونَ المَسَاكِينَ .وَإِنَّهُمْ كَانُوا يُشَارِكُونَ أَهْلَ البَاطِلِ فَيَخُوضُونَ مَعَهُمْ فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ مِنَ الكُفْرِ والاسْتِهْزَاءِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِيمَا لاَ يَعْلَمُونَ . وَإِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يُؤْمِنُونَ بِحَشْرٍ وَلاَ نَشْرٍ وَلاَ بَعْثٍ وَلاَ حِسَابٍ ، وَلاَ عِقَابٍ فِي الآخِرَةِ . حَتَّى جَاءَهُمْ المَوْتُ ، وَرَجَعُوا إِلَى اللهِ فِي الآخِرَةِ ، فَعَلِمُوا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ حَقٌّ .
•الجحيم: قال تعالى: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الجَحِيمَ صَلُّوهُ) {الحاقة:30-31}.
يقال لخزنة جهنم: خذوا هذا المجرم الأثيم، فاجمعوا يديه إلى عنقه بالأغلال، ثم أدخلوه الجحيم ليقاسي حرها
•الهاوية: قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ*نَارٌ حَامِيَةٌ) {القارعة:8-11}.
وَأَمَّا مَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ عَلَى حَسَنَاتِهِ ، فَثَقُلَتْ كَفَّةُ أَعْمَالِهِ السَّيِئَةِ ، وَخَفَّتْ كَفَّةُ أَعْمَالِهِ الصَّالِحَةِ . فَإِنَّهُ يَأْوِي إِلَى مَهْوَاةٍ سَحِيقَةٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهَا كَمَا يَأْوِي الوَلَدُ إِلى أُمِّهِ .وَأَيُّ شَيءٍ يُدْرِيكَ وَيُعَرِّفُكَ بِمَا هِيَ تِلْكَ الهَاوِيَةُ؟
ـــــــــــــــ
أبواب النار

للنار سبعة أبواب يدخل أهلها منها, وذلك لكثرة أهلها, ولكلِّ باب ٍمن الأتباع الغواة قدر معلومٌ متميز عن غيره, قال تعالى: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ){الحجر:43-44}
وَإِنَّ جَهَنَّمَ هِيَ مَكَانُ اللّقَاءِ وَالاجْتِمَاعِ ( مَوْعِدُهُمْ ) لِجَمِيعِ مَنِ اتَّبَعُوا إِبْلِيسَ وَهِيَ مَقَرُّهُمْ وَبِئْسَ المِهَادُ .وَيُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ لِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ ، وَقَدْ قَدَّرَ اللهُ لِكُلِّ بَابٍ مِنْ هَذِهِ الأَبْوَابِ السَّبْعَةِ نَصِيباً مُعَيّناً مِنْ أَتْبَاعِ إِبْلِيسَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ إِلَى جَهَنَّمَ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « لِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ بَابٌ مِنْهَا لِمَنْ سَلَّ السَّيْفَ عَلَى أُمَّتِى أَوْ قَالَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ( صلي الله عليه وسلم)  »[32]
ويُفهم من هذا الحديث أن كلَّ بابٍ من هذه الأبواب لعملٍ من الأعمال السيئة, كما أنَّ كل ّبابٍ من أبواب الجنة الثمانية لعملٍ من الأعمال الصالحة.
فعن عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ السُّلَمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ : الْقَتْلَى ثَلاَثَةٌ : رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ ، فِي خَيْمَةِ اللهِ ، تَحْتَ عَرْشِهِ ، وَلاَ يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلاَّ بِفَضْلِ دَرَجَةِ النُّبُوَّةِ ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا ، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ حَتَّى ، إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، فَتِلْكَ مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ ، إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا ، وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ، وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ، وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ ، وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي النَّارِ ، إِنَّ السَّيْفَ لاَ يَمْحُو النِّفَاقَ"[33].
 وقيل: الأبواب:الأطباق, طبقٌ فوق طبق. فعَنْ عَلِيّ , قَالَ : أَبْوَاب جَهَنَّم سَبْعَة بَعْضهَا فَوْق بَعْض , فَيَمْتَلِئ الْأَوَّل , ثُمَّ الثَّانِي , ثُمَّ الثَّالِث , ثُمَّ تَمْتَلِئ كُلّهَا [34].
وعَنْ هُبَيْرَة بْن مَرْيَم , قَالَ : سَمِعْت عَلِيًّا يَقُول : إِنَّ أَبْوَاب جَهَنَّم بَعْضهَا فَوْق بَعْض , فَيُمْلَأ الْأَوَّل ثُمَّ الَّذِي يَلِيه , إِلَى آخِرهَا[35] .  
وعَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : { لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب } قَالَ : أَوَّلهَا جَهَنَّم , ثُمَّ لَظَى , ثُمَّ الْحُطَمَة , ثُمَّ السَّعِير , ثُمَّ سَقَر , ثُمَّ الْجَحِيم , ثُمَّ الْهَاوِيَة .[36]
ـــــــــــــــ
وقود النار

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَـرُونَ ) {التحريم:6}
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَاتَّقُوا مَعْصَيَتَهُ ، وَأمُرُوا أَهْلَكُمْ بِالذّكْرِ والتَّقْوَى ، وَعَلِّمُوهُمْ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيهِمْ ، وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ ، وَأمُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ لِتُنقِذُوهُمْ وَأَنْفُسَكُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ، التِي يَكُونُ وَقُودُهَا النَّاسُ مِنَ الكَفَرَةِ ، وَالحِجَارَةُ ، وَتَقُومُ عَلَيهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ، أَشِدَّاءُ َعَلَيهِمْ ، لاَ يُخَالِفُونَ رَبَّهُمْ فِي أَمْرٍ بِهِ ، وَيُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ .
 وقال تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} {البقرة:24}
فَإِنْ لَم يَسْتَطِيعُوا هُمْ وِشُرَكَاؤهُمْ وَشُهَداؤهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنَ القُرآنِ الكَرِيمِ ( وَهُمْ لَنْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ أَبَداً مَهْمَا طَالَ الزَّمَنُ ) فَلْيَعْلَمُوا أَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ هُوَ مِنْ وَحيِ المُكَابِرِينَ المُعانِدِينَ المُكَذِّبينَ بِالحَقِّ ، وَفِيما يُبَلِّغُهُ عَنْ رَبِّهِ ، وَيَكُونُونَ هُمُ المُكَابِرِينَ المُعَانِدِينَ المُكَذِّبينَ بِالحَقِّ ، وَعَلَيهِمْ أَنْ يَخْشَوْا عَذَابَ اللهِ وَنَارَهُ التِي يَكُونُ النَّاسُ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ أَصْنَامٍ وَحِجَارَةٍ . . . مِنَ الوَقُودِ الذِي تَشْتَعِلُ بِهِ ، وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِتَعْذِيبِ الكَافِرِينَ الجَاحِدِينَ المُعَانِدِينَ .
ولا يخفى ما في هذا من التهويل إذ أنَّ هذه النار توقد بنفس ما يراد إحراقه بها.
فعَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله : { وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } قَالَ : هِيَ حِجَارَة مِنْ كِبْرِيت خَلَقَهَا اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي السَّمَاء الدُّنْيَا يُعِدّهَا لِلْكَافِرِينَ.وعَنْ ابْن مَسْعُود فِي قَوْله : { وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } قَالَ : حِجَارَة الْكِبْرِيت جَعَلَهَا اللَّه كَمَا شَاءَ .
وعَنْ ابْن عَبَّاس , وَعَنْ مُرَّة , عَنْ ابْن مَسْعُود , وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ  ( صلي الله عليه وسلم)  : { اتَّقُوا النَّار الَّتِي وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } أَمَّا الْحِجَارَة فَهِيَ حِجَارَة فِي النَّار مِنْ كِبْرِيت أَسْوَد يُعَذَّبُونَ بِهِ مَعَ النَّار
وعَنْ ابْن جُرَيْجٍ فِي قَوْله : { وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة } قَالَ : حِجَارَة مِنْ كِبْرِيت أَسْوَد فِي النَّار .[37]
قال القرطبي: هي حجارة الكبريت الأسود- عن ابن مسعود والفرَّاء- وخصّت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجـار بخمسـة أنواع ٍمن العـــذاب: سرعـة الاتقــــاد, نتن الرائحة, كثرة الدخان, شدة الالتصاق بالأبدان, قوة حرِّها إذا حَمِيت"[38].
ـــــــــــــــ
في شدة حرها وزمهريرها
 قال تعالى: (وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَراًّ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) {التوبة:81}
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، إِغْرَاءً لَهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى المُنْكَرِ ، وَتَثْبِيطاً لِعَزَائِمِ الْمُؤْمِنِينَ : لاَ تَخْرُجُوا إِلَى الجِهَادِ فِي الحَرِّ . فَأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ  ( صلي الله عليه وسلم)   بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ : إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ الَّتِي سَيَصِيرُونَ إِلَيْهَا ، هِيَ أَشَدُّ حَرّاً مِنْ قَيْظِ الصَّحْرَاءِ الذِي فَرُّوا مِنْهُ . وَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُدْرِكُونَ وَيَعْقِلُونَ لَمَا خَالَفُوا وَقَعَدُوا ، وَلَمَا فَرِحُوا بِقُعُودِهِمْ .
وعن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : جَلَسْنَا إِلَى كَعْبِ الأَحْبَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُحَدِّثُ ، فَجَاءَ عُمَرُ ، فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ ، فَنَادَاهُ ، فَقَالَ : وَيْحُك يَا كَعْبُ ، خُوِّفْنَا ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ النَّارَ لَتُقَرَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ، حَتَّى إِذَا أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ ، زَفَرَتْ زَفْرَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ ، وَلاَ صِدِّيقٍ ، وَلاَ شَهِيدٍ ، إِلاَّ وَجَثَا لِرُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا ، حَتَّى يَقُولَ كُلُّ نَبِيٍّ ، وَكُلُّ صِدِّيقٍ ، وَكُلُّ شَهِيدٍ : اللَّهُمَّ لاَ أُكَلِّفُك الْيَوْمَ إِلاَّ نَفْسِي ، وَلَوْ كَانَ لَكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا ، لَظَنَنْت أَنْ لاَ تَنْجُوَ ، قَالَ عُمَرُ : وَاللهِ إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ.[39]
وعن كعب قال : قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَهُ : " يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا " قَالَ : فَقُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوَلَيْسَ فِيكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَحِكْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   ؟ " قَالَ : " بَلَى ، وَلَكِنْ يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا " قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةَ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَازْدَرَأْتَ عَمَلَكَ مِمَّا تَرَى " قَالَ : فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَأَنْكَسَ وَنَكَّسَ قَالَ : ثُمَّ أَفَاقَ قَالَ : " زِدْنَا يَا كَعْبُ زِدْنَا " قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ فُتِحَ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْرُ مِنْخَرِ ثَوْرٍ بِالْمَشْرِقِ وَرَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَغَلَا دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ حَرِّهَا " قَالَ : فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَنُكِّسَ قَالَ : ثُمَّ أَفَاقَ ، فَقَالَ : " زِدْنَا يَا كَعْبُ " قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً مَا بَقِيَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُصْطَفًى إِلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ " قَالَ : " وَيَقُولُ : رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي " قَالَ : عُمَرُ قَالَ : قُلْتُ : " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوَلَيْسَ تَجِدُونَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ " قَالَ : " كَيْفَ ؟ " قَالَ : قُلْتُ : " قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ " [40]
 -مليا : وقتا طويلا  -خر : سقط وهوى بسرعة - الجثو : الجلوس على الركبتين - أطرق : أمال رأسه إلى صدره وسكت فلم يتكلم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا »[41].
 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، قَالَ : نَارُكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ضُرِبَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْفَعَةً لأَحَدٍ.[42]
وعن أبي هريرة ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   قَالَ : " تَحْسَبُونَ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ مِثْلُ نَارِكُمْ هَذِهِ ، هِيَ أَشَدُّ سَوَادًا مِنَ ، هِيَ جُزْءٌ مِنْ بَضْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا مِنْهَا ، أَوْ نَيِّفٌ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا "  [43]
 وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ : " هَذِهِ النَّارُ جُزْءٌ مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ مِنْ جَهَنَّمَ "[44] .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ( صلي الله عليه وسلم)   ، قَالَ : لَوْ كَانَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مِائَةٌ أَوْ يَزِيدُونَ ، وَفِيهِ رَجُلٌ مِنَ النَّارِ ، فَتَنَفَّسَ ، فَأَصَابَ نَفَسُهُ ، لاحْتَرَقَ الْمَسْجِدُ وَمَنْ فِيهِ"[45]
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهِ قَالَ فَوَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا قَالَ فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِىَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لاَ يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ اذْهَبْ إِلَى النَّارِ فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لأَهْلِهَا فِيهَا. فَإِذَا هِىَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لاَ يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلُهَا. فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهَا. فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلاَّ دَخَلَهَا »[46].  
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ النَّبِيِّ ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ : " يُجَاءُ بِجَهَنَّمَ تُقَادُ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا "[47]
 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا »[48].
وعَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم)  « اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا ، فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِى بَعْضًا ، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِى الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِى الصَّيْفِ ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ فِى الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ » [49]
وعن ابن مسعود قال: الزمهـرير: لون من العذاب[50], وعن عكرمة قال:هو البرد الشديد. وعن ابن عبـاس ٍقال: يستغيثُ أهـل النـــار من الحرِّ, فيغـاثون بريــحٍ باردةٍ,يصدع العظامَ بردُها,فيسألون الحرَّ[51].
وقال تعالى: (لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً* إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً) {النبأ:24-25}
وَلاَ يَذُوِقُ المُجْرِمُونَ فِي جَهَنَّمَ بَرْداً يُبَرِّدُ حَرَّ السَّعِيرِ ، وَلاَ شَرَاباً يَرْويهِمْ مِنَ العَطَشِ . وَلاَ يَذُوقُونَ فِي النَّارِ إِلاَّ الحَمِيمَ ( وَهُوَ المَاءُ المُتَناهِي فِي الحَرَارَةِ ) ، والغَسَّاقَ ( وَهُوَ القَيْحُ والصَّدِيدُ المُنْتِنُ والعَرَقُ الذِي يَسِيلُ مِنْ أَجْسَادِ أَهْلِ النَّارِ ) .
فاستثنى الله تعالى من البرد :الغسَّاق وهو صديد أهل النار وقَيْحُهم, واستثنى من الشراب:الحميم وهو الماء الحار الذي بلغ النهاية في الحرِّ, نسأل الله السلامــة.
ـــــــــــــــ
ملائكة النار وزبانيتها
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم .
يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَاتَّقُوا مَعْصَيَتَهُ ، وَأمُرُوا أَهْلَكُمْ بِالذّكْرِ والتَّقْوَى ، وَعَلِّمُوهُمْ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيهِمْ ، وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ ، وَأمُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ لِتُنقِذُوهُمْ وَأَنْفُسَكُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ، التِي يَكُونُ وَقُودُهَا النَّاسُ مِنَ الكَفَرَةِ ، وَالحِجَارَةُ ، وَتَقُومُ عَلَيهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ، أَشِدَّاءُ َعَلَيهِمْ ، لاَ يُخَالِفُونَ رَبَّهُمْ فِي أَمْرٍ بِهِ ، وَيُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ .
 أي: على النــار خزنة من المـلائكة يلون أمرها, وتعذيب أهلها, غلاظ ٌعلى أهل النار, شدادٌ عليهم إذا استرحموهم,لأنَّ الله عزَّ وجلَّ خلقهم من غضبه وحبَّب إليهم تعذيب خلقه.
وقيل: المراد:غلاظ القلوب,شداد الأبدان, وقيل: الغلاظ :ضخام الأجسام, والشداد: الأقوياء. وليس في قلوبهم رحمة,إنَّما خُلقوا للعذاب.
وقال تعالى: (فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ) {العلق:17-18} قال أبو هريرة: الزبانية: الملائكة, وقال عطاء: هم الملائكة الغلاظ الشداد.
وخرَّج ابن أبي حاتم- بإسناده- عن المنهال بن عمرو قال: إذا قال الله تعالى  (خُذُوهُ فَغُلُّوه) {الحاقة:30} ابتدره سبعون ألف مَلَك, وإنَّ الملك منهم ليقول هكذا- يعني: يفتح يديه- فيلقي سبعين ألفًا في النار.[52]
وكبير خزنة جهنم ورئيسهم هو مالك,كما في قول الله تعالى: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ) {الزخرف:77}
وَحِينَمَا يَشْتَدُّ العَذَابُ بِالمُجْرِمِينَ الظَّالِمِينَ يَضجُّونَ فِي النَّارِ ، وَيُنَادُونَ : يَا مَالِكُ ( وَهُوَ خَازِنُ النَّارِ ) ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَقْبِضْ أَرْوَاحَنَا لِيُرِيحَنا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنَ العَذَابِ الأَلِيمِ . فَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ مَالِكٌ قَائِلاً لَهُمْ : إِنَّهُمْ مَاكِثُونَ فِي النَّارِ أَبَداً ، وَلاَ مَجَالَ وَلاَ سَبِيلَ إِلَى خُرُوجِهِمْ مِنْهَا .
 وقد رآه  ( صلي الله عليه وسلم)   في المنام ، فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ   ( صلي الله عليه وسلم)  إِذَا صَلَّى صَلاَةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ « مَنْ رَأَى مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا » . قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا ، فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَسَأَلَنَا يَوْمًا ، فَقَالَ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا » . قُلْنَا لاَ . قَالَ « لَكِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِى فَأَخَذَا بِيَدِى ، فَأَخْرَجَانِى إِلَى الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى إِنَّهُ - يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِى شِدْقِهِ ، حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا ، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ . قُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ ، فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ ، وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ ، قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ ، أَعْلاَهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ ، يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا ، فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا ، فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا ، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ . فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ ، فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِى فِى النَّهَرِ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِى فِيهِ ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِى فِيهِ بِحَجَرٍ ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ . فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالاَ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَفِى أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ ، وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا ، فَصَعِدَا بِى فِى الشَّجَرَةِ ، وَأَدْخَلاَنِى دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا ، فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ ، وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ، ثُمَّ أَخْرَجَانِى مِنْهَا فَصَعِدَا بِى الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلاَنِى دَارًا هِىَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ ، فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ . قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِى اللَّيْلَةَ ، فَأَخْبِرَانِى عَمَّا رَأَيْتُ . قَالاَ نَعَمْ ، أَمَّا الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
وَالَّذِى رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ ، فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى الثَّقْبِ فَهُمُ الزُّنَاةُ . وَالَّذِى رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا . وَالشَّيْخُ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ ، وَالَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ . وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِى دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ ، وَأَنَا جِبْرِيلُ ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا فَوْقِى مِثْلُ السَّحَابِ . قَالاَ ذَاكَ مَنْزِلُكَ . قُلْتُ دَعَانِى أَدْخُلْ مَنْزِلِى . قَالاَ إِنَّهُ بَقِىَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ »[53] .
تدهده : تدحرج -يشدخ : يكسر -الشدق : جانب الفم
وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيِّ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   فِيمَا يَقُولُ : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْ رُؤْيَا ؟ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا ، قَالاَ لِي : انْطَلِقْ ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ ، فَيَثْلَغُ بِهَا رَأْسَهُ ، فَتُدَهْدِهَهُ الصَّخْرَةُ هَا هُنَا ، فَيَقُومُ إِلَى الْحَجَرِ فَيَأْخُذُهُ فَمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ أَحْسِبُهُ ، قَالَ : حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَانِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ وَإِذَا آخَرُ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، فَإِذَا هُوَ يَأْتِيَ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ الْجَانِبُ الأَوَّلُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى ، قَالَ : قُلْتُ : سُبْحَانَ اللهِ ، مَا هَذَانِ ؟ قَالاَ : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، قَالَ عَوْفٌ : أَحْسِبُ أَنَّهُ ، قَالَ : فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ ، فَاطَّلَعْنَا فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا بِنَهْرٍ لَهِيبٍ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ تَضَوْضَوْا ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ ، قَالَ : أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عِنْدَ شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي جَمَعَ الْحِجَارَةَ ، فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا ، قَالَ : قُلْتُ : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآهُ ، فَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَذَا ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ قَائِمٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ ، وأَرَى حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ وَأَحْسَنَهُ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاَءِ ؟ قَالاَ لِي : انْطَلِقِ انْطَلِقْ ، فَانْطَلَقْنَا وَأَتَيْنَا دَوْحَةً عَظِيمَةً لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ ، قَالاَ لِي : ارْقَ فِيهَا ، قَالَ : فَارْتَقَيْنَا فِيهَا ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ ، فَاسْتَفْتَحْنَا ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَقُلْنَا : مَا مِنْهَا رِجَالٌ ، شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، قَالَ : قَالاَ لَهُمُ : اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ ،  فَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ، ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ ، وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ ، قَالَ : قَالاَ : لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ : فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا ، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ ، قَالَ : قَالاَ لِي : هَذَاكَ مَنْزِلُكَ ، قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ، ذَرَانِي أَدْخُلْهُ ، قَالَ : قَالاَ لِي : أَمَّا الآنَ فَلاَ ، وَأَنْتَ دَاخِلُهُ ، قَالَ : فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا ، فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ : قَالاَ لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ.
أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمِنْخَرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ فَتَبْلُغُ الآفَاقَ.
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ ، فَيَلْتَقِمُ الْحِجَارَةَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ ، فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ.
قَالَ : فقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ r  : وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ.
وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ ، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ ، فَهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ.[54]
ورآه-أيضًا- ليلة المعراج. قال: ثم انحدر، فقال رسول الله  ( صلي الله عليه وسلم)   لجبريل: "ما لي لم آت على سماء إلا رحبوا بي وضحكوا إليّ، غير رجل واحد، فسلمت عليه فردّ عليّ السلام فرحب بي ولم يضحك إليّ. قال: يا محمد، ذاك مالك خازن جهنم لم يضحك منذ خلق ولو ضحك إلى أحد لضحك إليك".[55]
ـــــــــــــــ
في ظلمتها وسوادها وشررها
  عن ابن مسعود ، : {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (32) سورة المرسلات: أما إني لست أقول كالشجر ، ولكن كالحصون والمدائن "[56]
وعَنْ سَلْمَانَ ، قَالَ : النَّارُ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ، لاَ يُضِيءُ جَمْرُهَا ، وَلاَ يَطْفَأُ لَهَبُهَا ، ثُمَّ قَرَأَ : { كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } (22) سورة الحـج[57]
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ - رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ : " يُنْشِئُ اللَّهُ - [ عَزَّ وَجَلَّ ] - سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً فَيُقَالُ : يَا أَهْلَ النَّارِ ، أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَةَ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُونَ : يَا رَبَّنَا ، الشَّرَابَ . فَيُمْطِرُهُمْ أَغْلَالًا [ تَزِيدُ فِي أَغْلَالِهِمْ ] ، وَسَلَاسِلَ فِي سَلَاسِلِهِمْ ، وَجَمْرًا يُلْهِبُ عَلَيْهِمْ "[58] .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِىَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ ».[59]
 ـــــــــــــــ
في أوديتها وجبالها
 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، النَّبِيِّ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، قَالَ : الْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ ، وَالصَّعُودُ جَبَلٌ فِي النَّارِ فَيَتَصَعَّدُ فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا ، ثُمَّ يَهْوِي وَهُوَ كَذَلِكَ " [60]
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يُتَصَعَّدُ فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفًا وَيَهْوِى فِيهِ كَذَلِكَ مِنْهُ أَبَدًا »[61].
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، قَالَ : وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَهْوِي بِهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا.[62]
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : لَوْ أَنَّ حَجَرًا يُقْذَفَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ هَوَى سَبْعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا.[63]
وعن أبي سعيد الخدري ، {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} (1) سورة الهمزة ، قال : الْوَيْلُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ[64]
 الخَرِيف : الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
 وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  فِي قَوْلِهِ {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (17) سورة المدثر ، قَالَ : " جَبَلٌ مِنْ نَارٍ فِي النَّارِ ، يُكَلَّفُ أَنْ يَصْعَدَهُ ، فَإِذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ ، فَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ ، وَإِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَيْهِ ذَابَتْ ، فَإِذَا رَفَعَهَا عَادَتْ " [65]
 وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:"الْغَيُّ نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ يُقْذَفُ فِيهِ الَّذِينَ اتَّبِعُوا الشَّهَوَاتِ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ وَوَادٍ فِي جَهَنَّمَ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"وَادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيدُ الْقَعْرِ، خَبِيثُ الْمَطْعَمِ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ: "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" [مريم: 59]، قَالَ:"نَهْرٌ فِي جَهَنَّمَ، يُقَالُ لَهُ: غَيٌّ".
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:"وَيْلٌ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ مِنْ قَيْحٍ".[66]
 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم)  « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ قَالَ « وَادٍ فِى جَهَنَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَمِائَةِ مَرَّةٍ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَدْخُلُهُ قَالَ « أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ بِأَعْمَالِهِمْ وَإِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللَّهِ الَّذِينَ يَزُورُونَ الأُمَرَاءَ ».[67]
وعن علي ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : " بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ ، أَوْ وَادِي الْحُزْنِ " ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ ، أَوْ وَادِي الْحُزْنِ ؟ قَالَ : " وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا ، أَعَدَّهُ اللَّهُ الْمُرَائِينَ " [68]
  القراء : من يجيدون قراءة القرآن وحفظه
 وعن علي ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ - أَوْ الْحُزْنِ - قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ ؟ قَالَ : " جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةٍ ، أَعَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْقُرَّاءِ ، وَإِنَّ مِنْ شِرَارَ مَنْ يَزُورُ الْأُمَرَاءَ "[69]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ النَّبِيِّ ( صلي الله عليه وسلم)  , قَالَ:إِنَّ فِي جَهَنَّمَ لَوَادِ يَسْتَعِيذُ جَهَنَّمُ مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَ مِائَةِ مَرَّةٍ , أُعِدَّ ذَلِكَ الْوَادِي لِلْمُرَائِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ( صلي الله عليه وسلم)  : لِحَامِلِ كِتَابِ اللَّهِ , وَلِلْمُصَّدِّقِ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ , وَلِلْحُجَّاجِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ , وَلِلْخَارِجِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.[70]
وعن شفي الأصبحي قال : « إن في جهنم جبلا يدعى صعودا ، يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه قال الله عز وجل : {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} (17) سورة المدثر، قال : وإن في جهنم قصرا يقال له هوى يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله ، قال الله : {كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (81) سورة طـه ، وإن في جهنم واديا يدعى أثاما ، فيه حيات وعقارب ، في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة سم ، والعقرب منهن مثل البغلة المؤكفة ، تلدغ الرجل فلا تلهيه عما يجد من حر جهنم حموة لدغتها فهو لما خلق له ، وإن في جهنم سبعين داء لأهلها ، كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم ، وإن في جهنم واديا يدعى غيا يسيل قيحا ودما ، فهو لما خلق له ، قال الله : {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } (59) سورة مريم»[71]
 - الخَرِيف : الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
وعن أبي سلام ، قال : حدثني الحجاج بن عبد الله الثمالي - وَكَانَ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ  ( صلي الله عليه وسلم)   وَحَجَّ مَعَهُ حِجَّةَ الْوَدَاعِ - أَنَّ حَدَّثَهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r  وَقُدَمَائِهِمْ - : " أَنَّ فِي جَهَنَّمَ سَبْعِينَ أَلْفَ وَادٍ فِي كُلِّ وَادٍ سَبْعُونَ أَلْفَ ، فِي كُلِّ سَبْعُونَ أَلْفَ دَارٍ ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ أَلْفَ بَيْتٍ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ أَلْفَ شِقٍّ ، فِي كُلِّ شِقٍّ سَبْعُونَ أَلْفَ ثُعْبَانٍ ، فِي شِدْقِ كُلِّ ثُعْبَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ عَقْرَبٍ ، لَا يَنْتَهِي الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ حَتَّى يُوَاقِعَ ذَلِكَ كُلَّهُ "[72]
الشعب : الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين
وعن عطاء بن يسار ، قال : « إن في النار سبعين ألف واد ، في كل واد سبعون ألف شعب ، في كل شعب سبعون ألف جحر ، في كل جحر حية تأكل وجوه أهل النار »[73]
وعَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , قَالَ : إِنَّ لِجَهَنَّم جِبَابًا فِيهَا حَيَّات أَمْثَال الْبُخْت وَعَقَارِب أَمْثَال الْبِغَال الدُّهْم , يَسْتَغِيث أَهْل النَّار إِلَى تِلْكَ الْجِبَاب أَوْ السَّاحِل , فَتَثِب إِلَيْهِمْ فَتَأْخُذ بِشِفَاهِهِمْ وَشِفَارهمْ إِلَى أَقْدَامهمْ , فَيَسْتَغِيثُونَ مِنْهَا إِلَى النَّار , فَيَقُولُونَ : النَّار النَّار ! فَتَتْبَعهُمْ حَتَّى تَجِد حَرّهَا فَتَرْجِع , قَالَ : وَهِيَ فِي أَسْرَاب .[74]
ـــــــــــــــ
في بعد قعرها
 عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : خَطَبَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ ، وَوَلَّتْ حَذَّاءَ ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ صَبَّهَا أَحَدُكُمْ ، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا ، فَانْتَقِلُوا مَا بِحَضْرَتِكُمْ - يُرِيدُ مِنَ الْخَيْرِ - فَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ ، فَمَا يَبْلُغُ لَهَا قَعْرًا سَبْعِينَ عَامًا ، وَايْمُ اللهِ لَتُمْلَأَنَّ ، أَفَعَجِبْتُمْ وَلَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ عَامًا ، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلي الله عليه وسلم)   مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ مِنْهُ أَشْدَاقُنَا ، وَلَقَدِ الْتَقَطْتُ بُرْدَةً ، فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدٍ ، فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا ، وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا مَا مِنَّا أَحَدٌ الْيَوْمَ حَيٌّ إِلاَّ أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ عَظِيمًا فِي نَفْسِي صَغِيرًا عِنْدَ اللهِ ، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ إِلاَّ تَنَاسَخَتْ حَتَّى تَكُونَ عَاقِبَتُهَا مُلْكًا سَتُبْلُونَ الْأُمَرَاءَ بَعْدَنَا..[75]
الصبابة : البقية اليسيرة من الشراب تبقى أسفل الإناء -الكظيظ : الممتلئ المزحوم
وعَنِ الْحَسَنِ قَالَ قَالَ عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « إِنَّ الصَّخْرَةَ الْعَظِيمَةَ لَتُلْقَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَتَهْوِى فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا وَمَا تُفْضِى إِلَى قَرَارِهَا ». قَالَ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ أَكْثِرُوا ذِكْرَ النَّارِ فَإِنَّ حَرَّهَا شَدِيدٌ وَإِنَّ قَعْرَهَا بَعِيدٌ وَإِنَّ مَقَامِعَهَا حَدِيدٌ.[76]
 وعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : لَوْ أَنَّ حَجَرًا يُقْذَفَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ هَوَى سَبْعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا. "[77]
 وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلي الله عليه وسلم)  « تَدْرُونَ مَا هَذَا ». قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « هَذَا حَجَرٌ رُمِىَ بِهِ فِى النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا فَهُوَ يَهْوِى فِى النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا ».[78]
الوجبة : صوت وقع القدم على الأرض
 وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم)  صَوْتًا هَالَهُ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  : " مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا جِبْرِيلُ ؟ " . فَقَالَ : هَذِهِ صَخْرَةٌ هَوَتْ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مِنْ سَبْعِينَ عَامًا ، فَهَذَا حِينَ بَلَغَتْ قَعْرَهَا ، فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ أُسْمِعَكَ صَوْتَهَا . فَمَا رُؤِيَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم) ضَاحِكًا مِلْءَ فِيهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ [79].
 الشفير : الحرف والجانب والناحية
وعَنْ لُقْمَانَ بن عَامِرٍ، قَالَ: جِئْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، فَقُلْتُ حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  :"لَوْ أَنَّ صَخْرَةً وَزَنَتْ عَشْرَ خَلِفَاتٍ، قُذِفَ بِهَا مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مَا بَلَغَتْ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى غَيٍّ، وَأَثَامٍ"، قِيلَ: وَمَا غَيٌّ، وَأَثَامٌ؟ قَالَ:"بِئْرَانِ فِي أَسْفَلِ جَهَنَّمَ يَسِيلُ مِنْهُمْا صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ"وَهُمْا اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ "أَضَاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا" [مريم: 59].[80]
الخلفات جمع خلفة وهي الناقة الحامل
وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  ، يَقُولُ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِنَّ قَدْرَ مَا بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ وَقَعْرِهَا ، كَصَخْرَةٍ زِنَتُهَا سَبْعَ خَلِفَاتٍ بِشُحُومِهِنَّ ، وَلُحُومِهِنَّ ، وَأَوْلادِهِنَّ ، تَهْوِي فِيمَا بَيْنَ شَفِيرِ النَّارِ وَقَعْرِهَا ، إِلَى أَنْ تَقَعَ قَعْرَهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا"[81]
- الشفير : الحرف والجانب والناحية - الخلفة : الناقة الحامل العشراء - الشفة : الحرف أو الجانب
 وعن أبي سعيد ، عن النبي  ( صلي الله عليه وسلم)   قال : « لسُرادِقُ النَّارِ أربَعَةُ جُدُرٍ ، كِثَفُ كُلِّ جدَارٍ مَسيرَةٌ أربعينَ سنَةً »[82]
-السرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء أو خيمة - الجدر : الحوائط - كثف : غلظ
وأما عن سعة جهنم طولاً وعرضاً فعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَدْرِى مَا سَعَةُ جَهَنَّمَ قُلْتُ لاَ. قَالَ أَجَلْ وَاللَّهِ مَا تَدْرِى. حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  عَنْ قَوْلِهِ (وَمَـــا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَــانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ){الزمر:67} قَالَتْ قُلْتُ فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ »[83]
ـــــــــــــــ
في سلاسلها وغير ذلك
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم)  « لَوْ أَنَّ رُصَاصَةً مِثْلَ هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى مِثْلِ الْجُمْجُمَةِ أُرْسِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَهِىَ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ لَبَلَغَتِ الأَرْضَ قَبْلَ اللَّيْلِ وَلَوْ أَنَّهَا أُرْسِلَتْ مِنْ رَأْسِ السِّلْسِلَةِ لَصَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ أَصْلَهَا أَوْ قَعْرَهَا »[84].
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ - رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ : " يُنْشِئُ اللَّهُ - [ عَزَّ وَجَلَّ ] - سَحَابَةً لِأَهْلِ النَّارِ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً فَيُقَالُ : يَا أَهْلَ النَّارِ ، أَيَّ شَيْءٍ تَطْلُبُونَ ؟ فَيَذْكُرُونَ بِهَا سَحَابَةَ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُونَ : يَا رَبَّنَا ، الشَّرَابَ . فَيُمْطِرُهُمْ أَغْلَالًا [ تَزِيدُ فِي أَغْلَالِهِمْ ] ، وَسَلَاسِلَ فِي سَلَاسِلِهِمْ ، وَجَمْرًا يُلْهِبُ عَلَيْهِمْ " [85]
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، قَالَ : لَوْ أَنَّ مِقْمَعًا مِنْ حَدِيدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ ، فَاجْتَمَعَ لَهُ الثَّقَلانِ ، مَا أَقَلُّوهُ مِنَ الأَرْضِ"[86]
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم) : لو أن مقمعًا من حديد، لَوْ ضُرِبَ الْجَبَلُ بِقَمْعٍ مِنْ حَدِيدٍ، لَتَفَتَّتَ ثُمَّ عَادَ كَمَا كَانَ وَلَوْ أَنَّ دَلْواً مِنْ غَسَّاقٍ يُهَرَاقُ فِى الدُّنْيَا لأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا »[87]
الغساق : ما يسيل من صديد أهل النار وقيل ما يسيل من دموعهم وقيل الزمهرير
المقمع المطرق وقيل السوط
وعن عبد الله بن مسعود ، قال : « إن الحجارة التي سمى الله تعالى في القرآن {  فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) سورة البقرة ، حجارة من كبريت ، خلقها الله عنده عز وجل كيف شاء أو كما شاء »[88]
 ـــــــــــــــ
في ذكر حياتها وعقاربها
  عَنْ دَرَّاجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِىَّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلي الله عليه وسلم) « إِنَّ فِى النَّارِ حَيَّاتٌ كَأَمْثَالِ أعْنَاقِ الْبُخْتِ تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفاً وَإِنَّ فِى النَّارِ عَقَارِبَ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الْمُوكَفَةِ تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً »[89]
البخت : واحدتها البختية وهى الناقة طويلة العنق ذات السنامين -الموكفة : المحملة
وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ  ( صلي الله عليه وسلم)   أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ فِي النَّارِ لَحَيَّاتٍ أَمْثَالَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ تَلْسَعُ أَحَدَهُمُ اللَّسْعَةَ ، فَيَجِدُ حُمُوَّتَهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا.[90]
وعَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : إِنَّ لِجَهَنَّمَ جِبَابًا ، فِيهَا حَيَّاتٌ أَمْثَالَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ ، وَعَقَارِبَ كَالْبِغَالِ الدُّلْمِ ، قَالَ : فَيَهْرُبُ أَهْل جَهَنَّمُ إِلَى تِلْكَ الْجِبَاب : قَالَ : فَتَأْخُذ تِلْكَ الْحَيَّاتُ وَالْعَقَارِبُ بِشِفَاهِهِمْ فَتَنْشِطُ مَا بَيْنَ الشَّفْرِ إِلَى الظُّفْرِ ، قَالَ : فَمَا يُنَجِّيهِم إِلاَ هَرَبٌ إِلَى النَّارِ.[91]
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : إِذَا قُتِلَ الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَوَّلُ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دَمِهِ يُكَفِّرُ اللَّهُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا ، ثُمَّ يُرْسِلُ لَهُ اللَّهُ بِرَيْطَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَتُقْبَضُ فِيهَا نَفْسُهُ وَيُجَسَّدُ مِنَ الْجَنَّةِ حَتَّى تُرَكَّبَ فِيهِ رُوحُهُ ثُمَّ يُعَرِّجُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ كَأَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ الرَّحْمَنُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَيَسْجُدُ قَبْلَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ تَسْجُدُ الْمَلَائِكَةُ بَعْدَهُ ، ثُمَّ يُغْفَرُ لَهُ وَيُطَهَّرُ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى الشُّهَدَاءِ فَيَجِدُهُمْ فِي رِيَاضٍ خُضْرٍ وَثِيَابٍ مِنْ حَرِيرٍ عِنْدَهُمْ ثَوْرٌ وَحُوتٌ يُلَغِثَانِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ بِشَيْءٍ لَمْ يُلْغَثَاهُ بِالْأَمْسِ يَظَلُّ الْحُوتُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَيَأْكُلُ مَنْ كُلِّ رَائِحَةٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَإِذَا أَمْسَى وَكَزَهُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ فَذَكَاهُ فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ فَوَجَدُوا فِي طَعْمِ لَحْمِهِ كُلَّ رَائِحَةٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ وَيَلْبَثُ الثَّوْرُ نَافِشًا فِي الْجَنَّةِ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا أَصْبَحَ عَدَا عَلَيْهِ الْحُوتُ فَذَكَاهُ بِذَنَبِهِ فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ فَوَجَدُوا فِي طَعْمِ لَحْمِهِ كُلَّ ثَمَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ ، يَنْظُرُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ يَدْعُونَ اللَّهَ بِقِيَامِ السَّاعَةِ فَإِذَا تَوَفَّى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ بِخِرْقَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَرَيْحَانٍ مِنْ رَيْحَانِ الْجَنَّةِ فَقَالَ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اخْرُجِي إِلَى رَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، اخْرُجِي فَنِعْمَ مَا قَدَّمْتِ فَتَخْرُجُ كَأَطْيَبِ رَائِحَةِ مِسْكٍ وَجَدَهَا أَحَدُكُمْ بِأَنْفِهِ وَعَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ جَاءَ مِنَ الْأَرْضِ الْيَوْمَ رُوحٌ طَيِّبَةٌ فَلَا يَمُرُّ بِبَابٍ إِلَّا فَتَحَ لَهُ وَلَا مَلَكٍ إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ وَيَشْفَعُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَتَسْجُدُ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَهُ ثُمَّ يَقُولُونَ : رَبَّنَا هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ تَوَفَّيْنَاهُ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ فَيَقُولُ : مُرُوهُ بِالسُّجُودِ فَيَسْجُدُ النَّسَمَةُ ثُمَّ يُدْعَى مِيكَائِيلُ فَيُقَالُ : اجْعَلْ هَذِهِ النَّسَمَةَ مَعَ أَنْفُسِ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى أَسْأَلَكَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُؤْمَرُ بِجَسَدِهِ فَيُوَسِّعُ لَهُ ، طُولُهُ سَبْعُونَ وَعَرْضُهُ سَبْعُونَ وَيَنْبِذُ فِيهِ الرَّيْحَانَ وَيَبْسُطُ لَهُ الْحَرِيرَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ نَوَّرَهُ وَإِلَّا جُعِلَ لَهُ نُورًا مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إِلَى مَقْعَدِهِ فِي الْجَنَّةِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا . وَإِذَا تَوَفَّى اللَّهُ الْعَبْدَ الْكَافِرَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مَلَكَيْنِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِقِطْعَةٍ بِجَادٍ أَنْتَنُ مِنْ كُلِّ نَتَنٍ وَأَخْشَنُ مَنْ كُلِّ خَشِنٍ فَقَالَ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى جَهَنَّمَ وَعَذَابٍ أَلِيمٍ وَرَبٍّ عَلَيْكِ سَاخِطٍ ، اخْرُجِي فَسَاءَ مَا قَدَّمْتِ ، فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ جِيفَةٍ وَجَدَهَا أَحَدُكُمْ بِأَنْفِهِ قَطُّ ، وَعَلَى أَرْجَاءِ السَّمَاءِ مَلَائِكَةٌ يَقُولُونَ : سُبْحَانَ اللَّهِ لَقَدْ جَاءَ مِنَ الْأَرْضِ جِيفَةٌ وَنَسَمَةٌ خَبِيثَةٌ لَا يُفْتَحُ لَهُ بَابُ السَّمَاءِ فَيُؤْمَرُ بِجَسَدِهِ فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ وَيُمْلَأُ حَيَّاتٌ مِثْلُ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ تَأْكُلُ لَحْمَهُ فَلَا يَدَعَنَّ مِنْ عِظَامِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ يُرْسَلُ عَلَيْهِ مَلَائِكَةٌ صُمٌّ عُمْيٌ مَعَهُمْ فَطَاطِيسُ مِنْ حَدِيدٍ لَا يُبْصِرُونَهُ فَيَرْحَمُونَهُ وَلَا يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ فَيَرْحَمُونَهُ فَيَضْرِبُونَهُ وَيَخْبِطُونَهُ ، وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ نَارٍ فَيَنْظُرُ إِلَى مَقْعَدِهِ مِنَ النَّارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً يَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُدِيمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِلُ إِلَى مَا وَرَاءَهُ مِنَ النَّارِ .[92]
وعن يزيد بن شجرة قال : كَانَ يَزِيدُ بْنُ شَجَرَةَ رَجُلًا مِنْ رَهَاءَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْجُيُوشِ ، فَخَطَبَنَا يَوْمًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ، اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ مَا أَحْسَنَ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ، لَوْ تَرَوْنَ مَا أَرَى مِنْ بَيْنِ أَحْمَرَ وَأَصْفَرَ ، وَمِنْ كُلِّ لَوْنٍ ، وَفِي الرِّجَالِ مَا فِيهَا أَنَّهُ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَأَبْوَابُ الْجَنَّةَ ، وَأَبْوَابُ النَّارِ ، وَإِذَا التَقَى الصَّفَّانِ ، فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَأَبْوَابُ الْجَنَّةَ ، وَأَبْوَابُ النَّارِ ، وَزُيِّنَ الْعِينُ ، فَيَطَّلِعْنَ ، فَإِذَا أَقْبَلَ أَحَدُكُمْ بِوَجْهِهِ إِلَى الْقِتَالِ قُلْنَ : اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُ ، وَإِذَا أَدْبَرَ احْتَجَبْنَ عَنْهُ وَقُلْنَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، وَانْتَهِكُوا وُجُوهَ الْقَوْمِ ، فِدَاكُمْ أَبِي وَأُمِّي ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ قَطْرَةٍ تَقْطُرُ مِنْ دَمِ أَحَدِكُمْ يَحُطُّ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا الْغُصْنُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرَةِ ، وَتَبْتَدِرُهُ اثْنَتَانِ مِنْ حُورِ الْعِينِ ، وَيَمْسَحَانِ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولَانِ : فِدَانَا لَكَ ، وَيَقُولُ : أَنَا لَكُمَا ، فَيُكْسَى مِائَةَ لَوْ وُضِعَتْ بَيْنَ أُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ لَوَسَعَتَاهُمَا ، لَيْسَتْ مِنْ نَسْجِ بَنِي آدَمَ ، وَلَكِنَّهُمَا مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ ؛ إِنَّكُمْ مَكْتُوبُونَ عِنْدَ اللَّهِ بِأَسْمَائِكُمْ ، وَسِمَاتِكُمْ ، وَنَجْوَاكُمْ ، وَخِلَالِكُمْ ، وَمَحَاسِنِكُمْ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ : يَا فُلَانُ ، هَذَا نُورُكَ ، يَا فُلَانُ ، لَا نُورَ لَكَ ، وَإِنَّ لِجَهَنَّمَ جِبَابًا مِنْ سَاحِلٍ كَسَاحِلِ الْبَحْرِ فِيهِ هَوَامٌّ ، حَيَّاتٌ كَالْبَخَاتِيِّ ، وَعَقَارِبُ كَالْبِغَالِ الدَّلِّ أَوْ كَالدَّلِّ الْبِغَالِ ، فَإِذَا سَأَلَ أَهْلُ النَّارِ التَّخْفِيفَ قِيلَ : اخْرُجُوا إِلَى السَّاحِلِ ، فَتَأْخُذُهُمْ تِلْكَ بِشِفَاهِهِمْ وَجُنُوبِهِمْ ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَتَكْشِطُهَا ، فَيَرْجِعُونَ فَيُنَادَوْنَ إِلَى مُعْظَمِ النَّارِ ، وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِمُ الْجَرَبُ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَحُكُّ جِلْدَهُ ، حَتَّى يَبْدُو الْعَظْمُ ، فَيُقَالُ : يَا فُلَانُ ، هَلْ يُؤْذِيكَ هَذَا ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ ، فَيُقَالُ لَهُ : بِمَا كُنْتَ تُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ " [93]
  الهوام : جمع هامَّة وهي كل ذات سم يقتل ، وأيضا هي ما يدب من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات
 وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ} [النحل: 88]، قَالَ:"عَقَارِبُ أَنْيَابُهَا كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ",[94]
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  « مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً ، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ ، لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِى شِدْقَيْهِ - ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ »  ثمَّ تلا الآية: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُم بَلْ هُـوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَــوَّقُـونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَــوْمَ القِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ){آل عمران:180}[95] 
 اللهزم : الشدق
ـــــــــــــــ
في شراب أهل النار
ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أربعة أنواع من شراب أهل النار :
الأول: الحميم, قال تعالى: ( وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ){محمد:15}. والحميم:هو الماء الحار المغلي بنار جهنم, يُذاب بهذا الحميم ما في بطونهم, وتسيل به أمعاؤهم, وتتناثر جلودهم, كما في قوله تعالى: (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّــارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِــهِمُ الحَمِـيـمُ *يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ*وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيد* كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيقِ ){الحج:19-22}.
الثاني: الغسَّـاق ,قال تعالى: (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) {ص:57} قال ابن عباس ٍ:الغسَّاق ما يسيل من بين جلد الكافــر ولحمه. وقال: الزمهرير البــارد الذي يحرق الجلد. وقال مجاهد:غساق,لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده.[96]
الثالث: الصديد , قال تعالى: (مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَــوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِــن وَرَائِه عَـذَابٌ غَلِيـــظٌ) {إبراهيم:16-17} أي: يسقى من مــــاءٍ صـديد شديد النتانة والكثافة فيتجرعه ولا يكاد يبتلعه من شدة نتانته وكثافته.وقال مجاهد: (ماء صديد) يعني: القيح والدم.

وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ - فَسَأَلَ النَّبِىَّ  ( صلي الله عليه وسلم)  عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ  ( صلي الله عليه وسلم)  « أَوَمُسْكِرٌ هُوَ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ « عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ »[97].
الرابع:الماء الذي كالمهل,قال تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَـــاءَتْ مُرْتَفَقاً) {الكهف:29}, وسُئل ابن عباس عن قوله تعالى(كالمهل) فقال:غليظ كدردي الزيت, وعنه قال: أسود كمهل الزيت.وقال الضحاك: أذاب ابن مسعود-رضي الله عنه- فضة من بيت المال, ثم أرسل إلى أهل المسجد فقال:من أحب أن ينظر إلى المُهْل فلينظر إلى هذا[98].
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  : { كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ} (45) سورة الدخان ، قَالَ : كَعَكَرِ الزَّيْتِ ، فَإِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ ، وَلَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غِسْلِينَ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا لأَنْتَنَ بِأَهْلِ الدُّنْيَا "[99]
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)  أَنَّهُ قَالَ (كَالْمُهْلِ) قَالَ « كَعَكَرِ الزَّيْتِ فَإِذَا قَرُبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ فِيهِ »[100]
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ فَيَنْفُذُ الْحَمِيمُ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ فَيَسْلِتَ مَا فِى جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصَّهْرُ ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ »[101].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَتَلا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ف{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} (19) سورة الحـج ، فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، يَقُولُ : إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ فَيَنْفُذُ الْجُمْجُمَةَ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ فَيَسْلِتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يُمَزِّقَ قَدَمَيْهِ وَهُوَ الصَّهْرُ ، ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ "[102]
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ  ( صلي الله عليه وسلم)   فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ ، قَالَ : يُقَرَّبُ إِلَيْهِ فَيَتَكَرَّهُهُ ، فَإِذَا أُدْنِيَ مِنْهُ شَوَى وَجْهَهُ ، وَوَقَعَتْ فَرْوَةُ رَأْسِهِ ، فَإِذَا شَرِبَ قَطَّعَ أَمْعَاءَهُ ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ دُبُرِهِ ، يَقُولُ اللَّهُ : وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ، وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ"[103]
 قال تعالى :{ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) [إبراهيم/15-17]
وَاسْتَنْصَرَ الرُّسُلُ بِرَبِّهِمْ عَلَى أَقْوَامِهِمْ ، لَمَّا يَئِسُوا مِنْ إِيمَانِهِمْ ، وَطَلَبُوا مِنَ اللهِ تَعَالَى النَّصْرَ عَلَى الكَافِرِينَ فَنَصَرَهُمُ اللهُ ، فَرَبِحُوا ، وَخَسِرَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ عَنْ طَاعَةِ اللهِ ، شَدِيدِ العِنَادِ لِلْحَقِّ .
 فَقَدْ حَلَّتِ الهَزِيمَةُ بِهَذَا الجَبَّارِ العَنِيدِ فِي الدُّنْيا ، وَأَمَامَهُ فِي الآخِرَةِ جَهَنَّمُ تَنْتَظِرُهُ ، فَهِيَ لَهُ بِالمِرْصَادِ ، وَسَيَكُونُ خَالِداً فِيهَا ، وَيُسْقَى فِي النَّارِ مِنَ الصَّدِيدِ الذِي يَسِيلُ مِنْ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ المُحْتَرِقَيْن .
 يَشْرَبُهُ قَسْراً وَقَهْراً ، جَرْعَةً بَعْدَ جَرْعَةٍ ، وَلاَ يَكَادُ يَبْتَلِعُهُ لِسُوءِ طَعْمِهِ ، وَنَتْنِ رَائِحَتِهِ ، وَحَرَارَتِهِ ، فَإِذَا شَرِبَهُ قَطَعَ أَمْعَاءَهُ ، وَيَأْتِيهِ العَذَابُ بِأَنْوَاعِهِ ، لَيْسَ مِنْهَا نَوْعٌ إِلاَّ يَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْهُ ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَمُوتُ لِيَخْلُدَ فِي النَّارِ وَالعَذَابِ ، وَلَهُ بْعَدَ هَذِهِ الحَالَةِ عَذَابٌ آخَرَ شَدِيدٌ غَلِيظٌ أَدْهَى مِنَ الذِي قَبْلَهُ وَأَمَرُّ .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   ، قَالَ : لَوْ أَنَّ دَلْوَ غَسَّاقٍ يُهَرَاقُ فِي الدُّنْيَا ، لأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا "[104]
  قال تعالى : { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) } [ص/55-58]
 هَذَا الذِي تَقَدَّمَ هُوَ جَزَاءُ المُؤْمِنِينَ الأَخْيَارِ ، عَلَى مَا قَدَّمُوهُ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ ، وَطَاعَةٍ لِرَبِّهِمْ . أَمَّا الكَافِرُونَ الخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَالمُكَذِبُّونَ رُسُلَهُ الكِرَامَ ، فَلَهُمْ سُوءُ المُنْقَلَبِ ، وَشَرُّ العَاقِبَةِ
 إِذْ تَكُونُ عَاقِبَتُهُم العَذَابَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، فَيُقَاسُونَ حَرَّهَا الشَّدِيدَ ، وَسَاءَتْ جَهَنَّمُ مَهْداً وَفِراشاً .
وَهَذَا العَذَابُ هُوَ جَزَاؤُهُمْ فِي الآخِرَةِ عَلَى كُفْرِهِمْ وَسُوءِ أَعْمَالِهِمْ . فَلْيَذُوقُوهُ فَهْوَ مَاءٌ حَارٌّ ، مَتَنَاهٍ فِي شِدَّةِ حَرَارَتِهِ ، وَقَدْ مُزِجَ بالصَّدِيدِ الذِي يَسِيلُ مِنْ أَجْسَادِهِم المُحْتَرِقَةِ فِي النَّارِ ( غَسَّاقٌ ) .
حَمِيمٌ - مَاءٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي الحَرَارَةِ .
غَسَّاقٌ - الصَّدِيدُ الذِي يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهْلِ النَّارِ المُحْتَرِقَةِ . وَقِيلَ إِنَّهُ نَوْعٌ مِنَ العَذَابِ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهَ تَعَالَى .
وَلَهُمْ صُنُوفٌ أُخْرَى مِنَ العَذَابِ مِنْ أَشْبَاهِ هَذَا العَذَابِ يُعَذِّبُونَ بِهَا ، كَالزَّمْهَرِيرِ ، والسَّمُومِ ، وَشُرْبِ الحَمِيمِ والغَسَّاقِ ، وَأَكْلِ الزَّقومِ .
وعَنْ أَبِي يَحْيَى عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ ، أَنَّ كَعْبًا ، كَانَ يَقُولُ : " هَلْ تَدْرُونَ مَا وَغَسَّاقٍ ؟ " قَالُوا : لَا . قَالَ : " عَيْنٌ فِي جَهَنَّمَ يَسِيلُ إِلَيْهَا حُمَّةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَّةٍ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَيُسْتَنْقَعُ ، فَيُؤْتَى بِالْآدَمِيِّ فَيُغْمَسُ فِيهِ غَمْسَةً وَاحِدَةً ، فَيَخْرُجُ وَقَدْ سَقَطَ جِلْدُهُ عَنِ الْعِظَامِ ، وَتَعَلَّقَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ فِي كَعْبَيْهِ ، فَيَجُرُّ لَحْمَهُ كَمَا يَجُرُّ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ "[105]
وعن عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ ، أَنَّ كَعْبًا ، كَانَ يَقُولُ : " هَلْ تَدْرُونَ مَا غَسَّاقٌ ؟ قَالُوا : لَا وَاللَّهِ ، قَالَ : عَيْنٌ فِي جَهَنَّمَ يَسِيلُ إِلَيْهَا حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ غَيْرِهَا ، فَيُسْتَنْقَعُ فَيُؤْتَى بِالْآدَمِيِّ ، فَيُغْمَسُ فِيهَا غَمْسَةً وَاحِدَةً ، فَيَخْرُجُ وَقَدْ سَقَطَ جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ عَنِ الْعِظَامِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ جِلْدُهُ فِي كَعْبَيْهِ وَعَقِبَيْهِ ، وَيُنْجَرَ لَحْمُهُ كَجَرِّ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ " وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الْبَارِدُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ بُرْدِهِ "[106]
 -الحُمَةُ أو الحُمَّة : السُّمُّ  -غمس : غمر وأدخل
وعَنْ أَبِي مُوسَى ، أَنَّ النَّبِيَّ  ( صلي الله عليه وسلم)   قَالَ : ثَلاَثَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ : مُدْمِنُ الْخَمْرِ ، وَقَاطِعُ الرَّحِمِ ، وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ ، وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنًا لِلْخَمْرِ سَقَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلاَ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ قِيلَ : وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ ؟ قَالَ : نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِنَّ.[107]
المومسات بضم الميم الأولى وكسر الثانية هن الزانيات
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  ( صلي الله عليه وسلم)   : مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ ؟ قَالَ : عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ.[108]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ  ( صلي الله عليه وسلم)  قَالَ « كُلُّ مُخَمِّرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا بُخِسَتْ صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قِيلَ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ سَقَاهُ صَغِيرًا لاَ يَعْرِفُ حَلاَلَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ »[109]
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ  ( صلي الله عليه وسلم)  يَقُولُ « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَإِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِراً وَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ « صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ ». [110]
الخبال : عصارة أهل النار
ـــــــــــــــ
في طعام أهل النار
يأتي ذكره في الصفحة التالية ان شاء الله





[1] - صحيح مسلم (1361)
[2] - صحيح ابن حبان - (ج 3 / ص 280)(999) صحيح
[3] - صحيح مسلم(6941)
[4] - مسند أبي يعلى الموصلي (6192) ضعيف
[5] - مسند الطيالسي (2702) صحيح
[6] - صحيح ابن حبان - (ج 3 / ص 293)(1014) صحيح
[7] - صحيح مسلم (7015 )
[8] - صحيح البخارى(6389 )
[9] - صحيح البخارى(1417)
[10] - صحيح البخارى(6023 )
[11] - صحيح البخارى(6540 ) وصحيح مسلم(2396 )
[12] - صحيح ابن حبان - (ج 7 / ص 43)(2804) صحيح
[13] - صحيح مسلم(522 )
[14] - سنن الدارمى(2868) صحيح
[15] - مصنف ابن أبي شيبة  (ج 13 / ص 158)(35273) صحيح
[16] - صحيح مسلم(6095 )
[17] - صحيح مسلم (6097 )
[18] - صحيح مسلم (6098 )
[19] - مجمع الزوائد (17709 ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ .
[20] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 14 / ص 81)(15779 ) ضعيف
[21] -  الْبَعْثُ وَالنُّشُورُ لِلْبَيْهَقِيِّ(532 ) فيه مجاهيل
[22] - تهذيب الآثار للطبري(2768)  ودلائل النبوة للبيهقي(679 ) حسن
[23] - مسند أحمد (13875) صحيح
[24] - مسند البزار (2216) ضعيف
[25] - المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني (3392) حسن
[26] - سنن الترمذى(2792 ) صحيح
[27] - مسند أحمد (7529) صحيح
[28] - صحيح مسلم (7343 )
[29] - تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 367)
[30] - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (ج 4 / ص 127)
[31] - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - (ج 3 / ص 37)
[32] - سنن الترمذى(3414 ) فيه انقطاع وأوله صحيح
[33] - صحيح ابن حبان - (ج 10 / ص 519)(4663) حسن
[34] - تفسير الطبري - (ج 16 / ص 93)(16016 ) حسن
[35] -  المصدر السابق
[36] - تفسير الطبري - (ج 16 / ص 93)(16018 ) صحيح
[37] - تفسير الطبري - (ج 1 / ص 189)(420 - 423) حسن صحيح
[38] - تفسير القرطبي (10/25) 
[39] - مصنف ابن أبي شيبة(ج 13 / ص 154)(35265) صحيح مقطوع
[40] - الزهد لأحمد بن حنبل (647 ) حسن مقطوع
[41] - صحيح مسلم(7344 )
[42] - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 504)(7463) صحيح
[43] - البعث والنشور للبيهقي (484 ) حسن
[44] - مسند أحمد(9158) صحيح
[45] - مسند أبي يعلى الموصلي (6670) حسن
[46] - سنن الترمذى(2758 ) صحيح
[47] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 39)(10276) حسن 
[48] - صحيح مسلم (7344)
[49] - صحيح البخارى(3260 ) ومسلم (1432 )
[50] - جزء يحيى بن معين (125 ) حسن
[51] - صفة النار لابن أبي الدنيا (153) حسن
[52] - تفسير ابن كثير - (ج 8 / ص 216) صحيح مقطوع
[53] - صحيح البخارى(1386 )
[54] - صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 427)(655) صحيح
[55] - تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 14) ضعيف
[56] - البعث والنشور للبيهقي(506 ) حسن
[57] - مصنف ابن أبي شيبة(ج 13 / ص 152)(35257) والبعث والنشور للبيهقي(561 ) حسن
[58] - المعجم الأوسط للطبراني(4253 ) ضعيف
[59] - سنن الترمذى (2794و2795) صحيح ورجح وقفه ، ولكن مثله لا يقال بالرأي
[60] - المستدرك للحاكم (3873) حسن
[61] - سنن الترمذى(2777 ) حسن
[62] - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 508)( 7467) حسن
[63] - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 509)(7468) صحيح
[64] - البعث والنشور للبيهقي (448 ) حسن
[65] - المعجم الأوسط للطبراني(5731 ) ضعيف
[66] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 154)(9008-9015 ) حسن
[67] - سنن ابن ماجه(265 ) ضعيف
[68] - البعث والنشور للبيهقي(464) حسن
[69] - الدعاء للطبراني -العلمية - (ج 1 / ص 411)( 1390 ) حسن
[70] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 10 / ص 319)(12632 ) فيه جهالة
[71] - الزهد والرقائق لابن المبارك (1950 ) حسن مرسل
[72] - صفة النار لابن أبي الدنيا(98 ) ضعيف
[73] - صفة النار لابن أبي الدنيا (46) فسه ضعف
[74] - تفسير الطبري - (ج 16 / ص 381)(16492 ) صحيح
[75] - مسند أحمد (18041) و صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 60)(7121) صحيح
[76] - سنن الترمذى(2776 ) وصحيح الجامع ( 1662) والصحيحة ( 1611) صحيح لغيره
[77] - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 509)(7468) حسن
[78] - صحيح مسلم(7346 )
[79] - المعجم الأوسط للطبراني(827 ) ضعيف
[80] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 7 / ص 193)(7633 ) ضعيف وصوبوا وقفه
[81] - المستدرك للحاكم(8767) حسن
[82] - صفة النار لابن أبي الدنيا (6 ) حسن
[83] - سنن الترمذى(3549 ) صحيح
[84] - سنن الترمذى(2791) حسن
[85] - المعجم الأوسط للطبراني (4253) فيه ضعف
[86] - المستدرك للحاكم (8773) حسن
[87] - غاية المقصد فى زوائد المسند (5087 ) ومسند أحمد(12106) حسن
[88] - البعث والنشور للبيهقي (486) صحيح
[89] - مسند أحمد (18184) حسن
[90] - صحيح ابن حبان - (ج 16 / ص 512)(7471) حسن
[91] - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 160)(35279) صحيح مرسل
[92] - مجمع الزوائد (3932 ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ . وفي موضع آخر (9540) قال : رِجَالُ الصَّحِيحِ خَلَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْبَيْلَمَانِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ . قلت : وابن البيلماني ضعيف تقريب التهذيب(3819)
[93] - البعث والنشور للبيهقي(548 ) صحيح مرسل
[94] - المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 154)(9006 ) صحيح
[95] - صحيح البخارى(1403 )
[96] - تفسير الطبري - (ج 21 / ص 226)
[97] - صحيح مسلم(5335 )
[98] -
[99] - المستدرك للحاكم(3850) حسن
[100] - مسند أحمد (11990) حسن
[101] - سنن الترمذى (2783 ) حسن
[102] - المستدرك للحاكم (3458) حسن
[103] - المستدرك للحاكم (3339) حسن
[104] - المستدرك للحاكم(8779) حسن
[105] - صِفَةُ النَّارِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا(92 ) حسن مقطوع
[106] - جَامِعُ الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ لِلطَّبَرِيِّ (27613 ) حسن مقطوع
[107] - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 165)(5346) صحيح
[108] - صحيح ابن حبان - (ج 12 / ص 180)(5357) صحيح
[109] - سنن أبى داود (3682 ) صحيح
[110] - مسند أحمد (28370) حسن

إرسال تعليق

Emoticon
:) :)) ;(( :-) =)) ;( ;-( :d :-d @-) :p :o :>) (o) [-( :-? (p) :-s (m) 8-) :-t :-b b-( :-# =p~ $-) (b) (f) x-) (k) (h) (c) cheer
Click to see the code!
To insert emoticon you must added at least one space before the code.

 
Top